نشر بتاريخ :
09/07/2025
توقيت عمان - القدس
10:08:08 PM
شهدت
الأسواق المالية الأمريكية خلال العام الجاري تدفقات استثمارية قياسية من جانب
المستثمرين الأفراد، الذين ضخوا نحو 155 مليار دولار في الأسهم وصناديق المؤشرات
المتداولة.
وجاء
ذلك بعد نجاحهم في تحقيق أكبر الأرباح منذ بداية أزمة كورونا بفضل اعتمادهم
استراتيجية «الشراء وقت الانخفاض»، والتي أسهمت في دفع مؤشرات وول ستريت إلى
مستويات قياسية غير مسبوقة رغم كل ما واجهته الأسواق من تحديات وتقلبات.
وبحسب
بيانات صادرة عن مؤسسة «فاندا تراك» المتخصصة، تجاوزت استثمارات الأفراد في عام
2025 حجم الاستثمارات التي تم ضخها إبان طفرة «أسهم الميم» عام 2021، لتسجل رقماً
قياسياً جديداً يعكس عمق إقبال المستثمرين الأفراد على اقتناص الفرص عند تراجع
الأسعار.
ولم
تتوقف عمليات الشراء من جانب المستثمرين الأفراد حتى عندما تسببت حزمة التعريفات
الجمركية المكثفة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الشركاء التجاريين للولايات
المتحدة في تراجع حاد بأسواق الأسهم خلال أبريل الماضي، حيث أثبتت استراتيجيتهم
المتمثلة في اقتناص الأسهم عند هبوطها انتظاراً لانتعاشها لاحقاً نجاحاً ملفتاً.
ورغم
أن مؤشر «ناسداك 100» - الذي يضم كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية - حقق نمواً
بنسبة 7.8% هذا العام، إلا أن تحليلاً أجراه بنك أوف أمريكا أظهر أن المستثمر الذي
اعتمد استراتيجية الشراء فقط بعد انخفاض المؤشر في جلسة التداول السابقة كان
بإمكانه تحقيق عائد تراكمي قدره 31% خلال الفترة ذاتها.
وفي
هذا السياق، يقول مايك زيغمونت، الرئيس المشارك للتداول والأبحاث في مجموعة فيسدوم
للاستثمار، إن الارتفاعات والانخفاضات ستستمر في الحدوث... لكن الإيمان
باستراتيجية الشراء عند الانخفاض تحول إلى ما يشبه العقيدة الثابتة.
وباتت
عادة الشراء وقت ضعف الأسهم راسخة بعمق في سلوك المستثمرين خلال الأعوام الخمسة
عشر من الازدهار الذي شهدته الأسواق الأمريكية عقب الأزمة المالية العالمية 2008
ــ 2009، حيث غالباً ما كانت فترات التراجع قصيرة الأمد.
وتشير
بيانات بنك أوف أمريكا إلى أن عوائد استراتيجية «الشراء عند الانخفاض» هذا العام
تُعد الأفضل في هذه المرحلة من العام منذ بداية 2020، بل وسجلت ثاني أفضل أداء في
سجلات تمتد إلى عام 1985.
من
جهته، أكد ماركو إياكيني، نائب الرئيس الأول للأبحاث في شركة «فاندا» أن
«المستثمرين الأفراد لا يزالون يشكلون قوة محورية في السوق» وأن «توجههم نحو شراء
الانخفاضات لا يزال قائماً بقوة».
وبحسب
فيتوريا فولتا، محللة الأسهم في بنك أوف أمريكا، فإن الانتعاش في الأسهم الأمريكية
- التي حققت مستويات قياسية جديدة الأسبوع الماضي رغم استمرار الضغوط على الدولار
وسندات الخزانة الأمريكية - كان «مدفوعاً بديناميكية الشراء عند الانخفاض التي
تجاوزت بمقاييس معينة تلك التي شهدتها المراحل الأخيرة من فقاعة التكنولوجيا في
تسعينيات القرن الماضي».
ويتعامل
المستثمرون المحترفون بحذر شديد مع موجة الصعود التي تشهدها الأسواق المالية، وسط
مخاوف متنامية من تداعيات مشروع قانون الضرائب والإنفاق غير المسبوق الذي طرحه
الرئيس ترامب على حجم الدين الوطني الأمريكي، فضلاً عن الضربة المحتملة للنمو
الاقتصادي جراء التعريفات الجمركية المفروضة.
وفي
هذا السياق، كشف محللو دويتشه بنك في تقرير صادر منذ أيام عن «غياب المؤشرات
القوية للتفاؤل والإقبال على المخاطرة» في أوساط المستثمرين المؤسسيين منذ بلوغ
الطلب ذروته خلال الأشهر الأولى من العام الجاري.
وحذر
روب أرنوت، رئيس مجلس إدارة مجموعة «ريسيرش أفيليتس» لإدارة الأصول، من أن مستثمري
«الشراء عند الانخفاض» يخوضون لعبة محفوفة بالمخاطر باختيارهم عدم جني الأرباح
عندما ترتفع الأسعار.
وأشار
أرنوت قائلاً: «نحن أمام رئيس يعشق المفاجآت، ويفضل إبقاء الآخرين في حالة عدم
توازن، وإرباك منافسيه. وهذه العوامل تشكل وصفة لبيئة استثمارية شديدة التقلب، وفي
ظل التقلبات العالية تصبح استراتيجية الشراء بأسعار منخفضة والبيع بأسعار مرتفعة
أكثر ربحية مقارنة بالأسواق ذات الاتجاهات المستقرة والسياسات الثابتة».
واختتم
أرنوت تحذيره بالقول: «الشراء عند الانخفاض استراتيجية تعمل بشكل رائع حتى تتوقف
عن العمل، فعندما يحدث انهيار في السوق، يجد المستثمر نفسه سريعاً في دوامة من
الندم العميق».
وكالات