نشر بتاريخ :
13/06/2025
توقيت عمان - القدس
11:50:17 PM
الحقيقة الدولية - محرر الشؤون السياسية - في تصعيد جديد وخطير ضمن مسلسل
المواجهة المفتوحة بين إيران والكيان "الاسرائيلي" أطلقت طهران مساء
الجمعة، وابلًا من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى باتجاه الكيان الاسرائيلي، في
رد عسكري مباشر عقب الغارات التي استهدفت منشآت نووية وعسكرية حساسة
داخل العمق الإيراني.
الهجوم الجديد، الذي وصفه الإعلام الرسمي الإيراني بأنه "ضربة تأديبية
مزدوجة"، جاء بعد خطاب حاد ألقاه المرشد الأعلى علي خامنئي توعّد فيه بأن
الكيان المحتل "لن يخرج سالما من عدوانها على إيران"، في إشارة إلى
استهداف منشآت في نطنز وأصفهان وقاعدة عسكرية في همدان فجر أمس.
صافرات الإنذار دوت في مدن عدة من بينها القدس وتل أبيب، وهرع الآلاف من
مستوطني الكيان إلى الملاجئ، بينما اشتبكت منظومات الدفاع الجوي للكيان
"القبة الحديدية" و"حيتس" مع صواريخ متعددة قادمة من الأراضي
الإيرانية، في مشهد لم يعت الكيان المحتل على رؤيته.
جيش الاحتلال الاسرائيلي أكد في
بيان مقتضب فور الهجوم الايراني أنه رصد مئات الصواريخ زاعما أنه اعترض معظمها،
إلا أن مقاطع فيديو انتشرت على منصات التواصل ووسائل الاعلام، أظهرت وقوع اصابات
مباشرة لمواقع مختلفة في الكيان، منها مدينة تل ابيب التي اظهرت ذات المقاطع دمارًا
وتصاعداً لاعمدة الدخان فيها.
بدورها، أعلنت مصادر إعلامية إيرانية أن الضربات استهدفت قواعد عسكرية
ومراكز قيادية، معتبرة أن الرد هو بداية مرحلة جديدة من "توازن الردع
الحقيقي" مع تل أبيب.
التصعيد العسكري المفاجئ دفع عدة دول مجاورة، وعلى رأسها الأردن والعراق،
إلى إغلاق مجالها الجوي مؤقتًا، وسط حالة ترقب من احتمال امتداد المواجهة إلى
ساحات أخرى في المنطقة، خصوصًا لبنان وسوريا واليمن.
من جهة أخرى، أطلقت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا دعوات عاجلة لاحتواء
التصعيد، محذرة من خطر انزلاق الشرق الأوسط إلى حرب شاملة قد يصعب احتواؤها.
وتأتي هذه التطورات بعد 24 ساعة
فقط من هجوم الكيان "الاسرائيلي" الذي اعتبرته طهران "إعلان
حرب"، حيث استهدفت طائرات الكيان
مواقع عسكرية وأخرى نووية إيرانية، وأوقعت خسائر بشرية ومادية وصفت بأنها
"مؤثرة في البنية الدفاعية الإيرانية"، وكان من بين القتلى ضباط كبار في
الحرس الثوري وعلماء من هيئة الطاقة الذرية الإيرانية.
الرد الإيراني مساء الجمعة، دون معرفة حجم اضراره على الكيان حتى كتابة
ساعة التقرير، الا أنه جاء في توقيت مدروس أراد من خلاله صانع القرار في طهران
إثبات أن يد إيران قادرة على الرد داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة مباشرة، دون
الاكتفاء باستخدام الوكلاء في المنطقة كما كان معتادًا في السنوات السابقة.
في الكيان المحتل ، عقد ما يسمى بالمجلس الأمني المصغر اجتماعًا طارئًا فجر
السبت، قال خلاله رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو أن الكيان
"الاسرائيلي" "يخوض معركة مصير" واضاف أن الضربات الإيرانية
لن تمر دون رد حسب قوله.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه سماء المنطقة مفتوحة على مفاجآت إضافية، يتزايد
القلق الدولي من اتساع رقعة الاشتباك وتحوله إلى نزاع إقليمي متعدد الجبهات،
وتُطرح أسئلة ملحة عن مستقبل مفاوضات الملف النووي الإيراني، التي كانت مقررة في
فيينا هذا الأسبوع، لكنها باتت الآن شبه مجمدة بفعل الواقع الميداني المتفجر، أما
الشعوب في المنطقة، فتتابع بحذر مسار الأحداث، وسط مخاوف من أن تتحول الجولة
الحالية من التصعيد إلى حرب مفتوحة، تقلب التوازنات وتدفع الجميع نحو هاوية يصعب
الخروج منها.
الملك عبد الله الثاني قاد اليوم الاشتباك السياسي والدبلوماسي باتصالات
ماراثونية لاحتواء التصعيد في المنطقة، وكثّف جلالته جهوده الدبلوماسية الإقليمية
والدولية لاحتواء تداعيات التصعيد ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة.
وتلقى جلالة الملك اتصالات من قادة دوليين، حذر خلالها من خطورة التصعيد
على استقرار الشرق الأوسط، ومؤكدًا ضرورة وقف العمليات العسكرية وضبط النفس. كما
دعا جلالته إلى تغليب الحلول السياسية والدفع باتجاه تهدئة شاملة تحافظ على أمن المنطقة
وشعوبها، مشددًا على أن استمرار التصعيد لا يخدم أي طرف ويهدد الأمن الإقليمي
والدولي.
قيادة الملك للاشتباك السياسي والدبلوماسي ابقى الأردن ضمن التوازنات
الجيوسياسية التي جعله في وسط المعركة بحكم موقعه الجيوبوليتيك بين الأطراف
المتصارعة، فيما جدد جلالته التأكيد في اتصال مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، أن الأردن لن يكون
ساحة حرب لأي صراع، ولن يسمح بتهديد أمنه واستقراره وسلامة مواطنيه.
موقف الأردن بقي واضحًا وثابتًا في رفضه لأي أعمال تؤدي إلى زعزعة أمن
المنطقة، مع التأكيد على احترام سيادة الدول وعدم جر المنطقة إلى مواجهة مفتوحة،
ونشط وزير الخارجية ايمن الصفدي الذي اجرى سلسلة من الاتصالات مع عدد من نظرائه العرب
والغربيين، شدد خلالها على ضرورة وقف الهجمات المتبادلة بين الكيان الاسرائيلي
وإيران، وأكد أن التصعيد يمثل تهديدًا مباشرًا لأمن الشرق الأوسط، وخصوصًا لدول
الجوار، وأن الأردن يواصل التنسيق مع شركائه الدوليين والإقليميين لمنع تفاقم
الأزمة والعمل على إعادة التهدئة والاستقرار.