بقلم: بروفسور حسين علي غالب بابان
عندما بدأ اليهود الهجرة إلى فلسطين بدعم
بريطاني أولا وأوربي ثانيا ، أعلنوا بعد فترة قصيرة أن من "فلسطين" سوف
يتم إعلان دولتهم التي سوف تحتضن كل اليهود المنتشرين حول العالم ، وحينها
تم تسليح الشباب اليهودي المهاجر ليكونوا عصابات تمارس القتل الممنهج والتهجير وكل
أرض يحصلون عليها تصبح لهم ، وهذه العصابات تحولت بعد ذلك إلى جيش تابع لهذه
الدولة.
بعد خسارة الجيوش العربية للأسف الشديد ، أعلن
عدد كبير من المتطرفين اليهود أن دولتهم ليس إلا بداية لمشروع "إسرائيل
الكبرى "، ولهذا تقدموا و التهموا أجزاء من سوريا ولبنان ومصر ، وحتى
اتفاقيات السلام والتطبيع التي أبرموها معنا لم يلتزموا بتاتا بها ، وكانوا
يتبجحون بقوتهم وأنهم سوف يسيطرون على منطقة الشرق الأوسط بأكمله ، لأنه بكل بساطة
لم يتمكن أحد من ردعهم و إيقافهم عند حدهم.
لقد جاء "الطوفان" ليضع النقاط على
الحروف ، فـ "الجيش الذي لا يقهر" تنسحب وحداته الواحدة تلو الآخرى وهي
مهزومة ومنهارة ، أما بقية أفراد الجيش فهو يرفض تنفيذ الأوامر العسكرية خوفا مما
سوف يلقاه في ارض المعركة ، والجنود الاحتياط يتم دعوتهم للالتحاق عبر وسائل
الإعلام بأسرع وقت للجيش لأن هذه المعركة تعتبر معركة مصيرية لا يستهان لها وهم
يرفضون حتى لا يقعوا بين قتيل وجريح.
لقد انهارت "أحلامهم" التي كانوا يحلمون
بها منذ أكثر من سبعة عقود، و مشروعهم التوسعي تلاشى إلى الأبد حيث باتوا الآن
محاصرين في خنادق تحت الأرض وصفارات الانذار تدوي "ليل نهار " ويطلبون
الطعام والشراب ولا يجدونه و يستنجدون بأمريكا في كل صغيرة وكبيرة ، وكما هو معلوم
أن سكان هذه الدولة "العاجزة" السواد الأعظم منهم قدموا من دول كثيرة
فوجدوا أن الأضمن لحياتهم أن يعودوا إلى مسقط رأسهم ، وصدقا هذا بالنسبة لي هو
عين الصواب.
أنني أركز على عودة اليهود إلى أوطانهم ، لأن
عودتهم معناه أنهيار كل شيء حرفيا ، لأنهم يشكلون العمود الفقري لهذه الدولة
الكارتونية ، وحسب احصائيات مختلفة يقدر عدد اليهود الذين يحملون جنسية ثانية غير
جنسية دولتهم "العاجزة "أكثر من ستين بالمائة ، وهكذا تتغير المعادلة
بالكامل فالدولة التي تريد أن تكون كبرى وتتمدد وتهدد وتتوعد وتعتبر نفسها من
الدول "العظمى " باتت الآن صغيرة جدا وهشة ، وكلما تزداد الضربات كلما
يضعف صمود هذه الدولة ويقرر أفرادها الهرب منها دون رجعة .