بقلم: المهندس مدحت الخطيب
بين مترقب ومراقب وغاضب ومحب
وداعم ومتفهم ومراهن ، انقسم الشارع
العربي من الخليج إلى المحيط حول مخرجات
خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ، البعض كان يحلم بأن يتحول الخطاب إلى برنامج تلفزيوني حماسي يلبي فيه مطالب ورغبات المشاهدين والمتابعين، كل حسب
ذوقه أو رغبته وتصوره لاحداث المعركة.
والبعض الآخر وهم من الداعمين الدائمين (على
الغُمَّيْضَ)إلى الحزب وقيادته اعتبروا الخطاب بمثابة فتح ونصر قام به الأمين
العام وقدمه إلى محبيه وخصوصا محور
المقاومة بمن فيهم حماس وأن إنجاز تحقق في
حديثه سيسجل لمحور المقاومة ولحزب الله
على الخصوص.
والبعض الاخر وهم الساخطون على نهج
الحزب ومخرجاته ومشاركاته وخصوصا في الحرب على سوريا وتبعاتها التي لا تغيب عن
أحد، صبوا جامَ غضبهم بزيادة على الحزب وقيادته وبالأخص الأمين العام واعتبروا أن
خطاب حسن نصر الله ما هو إلا باب من أبواب
التضليل للمتابعين وأن الخطاب الذي استمر لأكثر من ساعة يندرج تحت ( صف الحكي لا
أكثر ) خذل به السيد حسن نصر الله الجميع
وقبلهم حماس وقيادتها ، وأن ذرَّ
الرَّمادَ في العيون والتلاعب بالمعاني والألفاظ
لا ينفع مع حجم الدمار الذي حل على غزة وخصوصا اننا نتحدث عن حزب
وجبهةمؤثرة ومهمة ولها قدرات تدريبية
وعسكرية قوية لو تحركت لهزت قادة
الكيان والجمتهم وأوقفت عهر رئيسهم المختل
عقليا ، وألزمت أمريكا بأن تتدخل بشكل جدي من أجل إيقاف الحرب وعدم اتساع رقعتها
حفاظًا على مصالحها في المنطقة.
إسرائيليا وأمريكيا أجمع محللون أن
خطاب حسن نصر الله، يحمل في طياته رسائل تهديد مبطنة إلى إسرائيل،وهمسات واضحة لأمريكا
دون إعطاء الضوء الأخضر لشن حرب شاملة، ويرى هؤلاء أن نصر الله اعتمد نهج
"المراوغة والتضليل" بسير الحرب وتطوراتها، ، حيث أبقى على الخيارات
كلها مفتوحة…
اليوم ومن منطلق إعلامي وتحليلي لن
أستطيع الحكم بالمطلق على الخطاب وكنت أتمنى أن لا يكون بهذه الطريقة المبهمة
وبهذه الدبلوماسية السياسية المفرطة ان صح
لي أن أسميها ، فمجمل الإشارات التي ركز
عليها نصر الله كانت رمادية ومعلومة لدينا ولا تحتاج إلى توضيح ، وخصوصا عندما
تحدث عن مشاغله الحزب للكيان على الحدود اللبنانية ، والصواريخ التي يطلقها أهلنا
في اليمن والجبهة العراقية وغيرها من
الأمور التي تطرق إليها ...
اليوم ما فهمناه (وقد نكون على خطأ) أن
الحزب غير مهتم في هذه اللحظة بالانخراط
بالحرب على نحو مباشر وقوي ومؤثر
وإن جبهة لبنان ستكون جبهة تضامنية وليست تشاركية ، وهذا ما دفع البعض وخصوصا
المتفائلين المتأمّلين منه خيراً
للتعبير وبشكل علني عن خيبة أملهم
عبروا عنها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وأجمعوا بأن هكذا خطاب لا يحتاج إلى كل هذا الحجم من
الترويج الإعلامي الممزوج بالتشويق والإثارة والتي استمرت لأكثر من أسبوع.
هذا التشويق (البروباغندا الإعلامية )
أدخلتنا جميعا في حكم مسبق بأن القادم من لبنان كبير وأكبر مما نتوقع وسيكون مقرونا بالأفعال لا
الأقوال ، توقعوا بأن الخطاب سيكون حماسيا تعبويا هجوميا وكما هي
خطابات السيد حسن نصر الله ،
حتى أبحر البعض في خيالهم إن ساعة
الصفر للرشقات الصاروخية المزلزلة باتجاه
تل أبيب وحيفا ويافا وما بعدها ستنطلق مع أول حرف سيخرج من لسان الأمين العام،وأن
القبة الحديدية ستنهار من حجم هذه الصواريخ وتسكت هذا الكيان المهزوم وان الثامن
من أكتوبر سيتحقق على ايادي مقاتلي الحزب …
على أية حال الأيام القادمة ستكشف لنا الحقائق أكثر وأكثر مع أننا لا نمتلك
ترف الوقت ولا نجيد فن المناورات السياسية
مع عدو لا يخرسه إلا النار وخصوصا أن
غزة تهدم على ساكنيها كل دقيقة بهجمة بربرية صهيونية حاقدة ؟؟؟
نعم ستكشف لنا غزة ما تبقى من جماعة "لا سمح الله" واحدا تلو الآخر بعون الله وعندها سنميز جميعا
الخبيث من الطيب أمام مشهد لم تكتب خاتمته بعد...