العيسوي: الأردن بقيادته الهاشمية واحة أمن واستقرار وسد منيع أمام أي مخاطر 12 مليون شاهدوا البرنامج ..راهبة تكشف جرائم الاحتلال ضد المسيحيين والمسلمين في فلسطين نائبة رئيس محكمة العدل: علامات نهاية العالم تقترب.. و"الرب يعتمد عليّ لدعم إسرائيل"! لأول مرة منذ 25 عامًا.. إنزال أول كابل بحري مباشر بين الأردن ومصر كاتب مصري: أفيقوا من غيبوبة السلام يا عرب.. إسرائيل تجاوزت الحدود د. بسام العموش يكتب: ماذا يريد العالم من الفلسطيني؟ مظاهرة في السويداء ترفع أعلام الاحتلال الإسرائيلي وتطالب بالانفصال عن سوريا 3.4% من الحوادث في الأردن بسبب الرجوع للخلف- فيديو مع اقتراب عودة المدارس.. هل تبدأ حمّى أسعار القرطاسية؟ مصرع 18 وإصابة 24 في سقوط حافلة في وادي بالجزائر قانون الكهرباء العام 2025 يدخل حيز التنفيذ بورصة عمّان تسجل أعلى قيمة سوقية منذ 2010 احباط محاولات تهريب بواسطة بالونات عبر الحدود الشرقية والغربية زيلينسكي: سألتقي ترامب في واشنطن الاثنين إحباط تهريب مواد مخدرة على الواجهة الغربية
القسم : بوابة الحقيقة
هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟
نشر بتاريخ : 8/14/2025 7:07:43 PM
د. عامر بني عامر

 

د. عامر بني عامر

 

لا يمكن إنكار أن الحياة الحزبية في الأردن تمر بأكثر مراحلها سيولة منذ عقود. دمج هنا، تفكك هناك، أحزاب تختفي وأخرى تسعى لإعادة صياغة نفسها بانتظار قوانين قد تُعدّل قريبًا، على أمل أن تمنحها فرصة جديدة. لكن جوهر السؤال لم يعد حقًا عن يسار أو يمين أو وسط، بل عن مدى قدرة أي حزب على البقاء في هذا المشهد المتغير.

 

القوة اليوم لا تُقاس بالانتماء الأيديولوجي، بل بالقدرة على قراءة اللحظة السياسية. الدولة المركزية أصبحت نهجًا وحاجة في ظل التحديات الداخلية والإقليمية، وتوجهات الناس تغيّرت بشكل عميق؛ فلم تعد الشعارات أو الهويات الحزبية التقليدية كافية لجذبهم أو تحريكهم، سواء كان الحزب مواليًا أم معارضًا.

 

لقد رأينا كيف تم حظر أقدم الجماعات السياسية وفقًا للقانون، وأكبر النقابات المهنية انتهت دستورياً، ولم يكن حجم ردود الفعل على قدر ما كان يتوقعه البعض. الرسالة واضحة: الحزب الذي لا يغيّر آلياته وأفكاره وأساليبه سيغيب عن المشهد، بصرف النظر عن خلفيته أو تاريخه.

 

التجربة العالمية تبرهن على ذلك. الأحزاب التقليدية في العديد من الدول تتراجع أمام حركات اجتماعية رقمية، ومبادرات عابرة للحدود، وحملات تبدأ من هاتف ذكي وتنتهي بتغيير سياسات. وفي الأردن، ما لم تتجاوز الأحزاب الدمج الشكلي إلى برامج واقعية، وتنفتح على الناس بصدق، وتضع حلولًا لأولوياتهم، فإنها ستظل تدور في فراغ.

 

وربما لا تملك الأحزاب اليوم دورًا مباشرًا كبيرًا على الصعيد الاقتصادي، لكن أمامها مساحة واسعة في الطرح الفكري والثقافي والاجتماعي. يمكنها أن تقود حوارًا جادًا حول الهوية السياسية، وأن تبني أطرًا اجتماعية وثقافية جديدة تعزز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وأن تستثمر في التحالفات المدنية والمهنية، وأن تحوّل المنصات الرقمية إلى أدوات فاعلة للتأثير والتواصل.

 

لكن قبل ذلك، على الأحزاب أن تتحرر من دور المتلقي ورد الفعل. مجرد بيانات الاستنكار أو المؤازرة بعد وقوع الحدث، والوقفات الاحتجاجية كرد فعل على قرار، لا تصنع حزبًا مؤثرًا. الفعل السياسي يبدأ بالمبادرة: بمقترح مدروس، أو فكرة قابلة للتطبيق، أو موقف استباقي يصنع الرأي العام بدل أن يلاحقه.

 

الخلاصة أن الأحزاب السياسية في الأردن ضرورة، لا لكونها زينة للمشهد الديمقراطي، بل لأنها أحد شروط نضج الحياة السياسية واستدامة الإصلاح. لكن هذه الضرورة مشروطة بأن تتحول الأحزاب من كيانات ساكنة إلى أدوات حقيقية للفعل، قادرة على صناعة المستقبل بدل الاكتفاء بالتعليق عليه. في غير ذلك، ستظل لافتات تنتظر أول عاصفة لتسقط.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2025