107 أعوام على وعد (بلفور) المشؤوم “أونروا” تشيد بجهود الأردن لاستمرارية عملها وتثمن مخرجات اجتماع الجامعة العربية تعديل مواعيد بدء الدوام المدرسي الأحد واسقبال الطلبة الساعة 7:45 صباحا 2897 شهيدا جراء الهجمات على لبنان شهداء وجرحى في قصف الاحتلال مدينة غزة ووسط القطاع مسؤولون أمميون: المنطقة بأكملها على حافة الهاوية والوضع بشمال قطاع غزة "مروع" جمعية المصدرين: دعم متواصل للشركات الصناعية الغذائية الناشئة لدخول الأسواق التصديرية الجمعية العامة تدعو لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط اجواء لطيفة في اغلب المناطق اليوم وغدًا وتوقع هطول أمطار في البادية الشمالية زيد هاشم الخطيب يحتفل بعقد قرانه.. الشيخ طلب وحوى اعطى موسكو: نحن "على حافة صراع عسكري مباشر" مع واشنطن 159 مليار دولار إيرادات أمازون في 3 أشهر.. نمو بـ 11 بالمئة كوريا الشمالية: ندعم رفاقنا الروس حتى "النصر في أوكرانيا" "أوبن إيه آي" تتحدى "غوغل" بإضافة محرك بحث لـ"تشات جي بي تي" تركيا تتوقع تدشين مركز إقليمي لتجارة الغاز في عام 2025

القسم : مقالات مختاره
عن هذا القانون على مدى.. واحد وأربعين عاماً !
نشر بتاريخ : 5/31/2017 1:18:09 PM
د. زيد حمزة

د. زيد حمزة

تقلقني – منذ زمن طويل ومن حيث المبدأ – العلاقة الملتبسة بين فئتين من المواطنين واحدة تضم المالكين والاخرى المستأجرين وليس ضروريا أن يفصلهما حد قاطع فالمالك في وقت ما مستأجر والمستأجر في مكان آخر مالكٌ، وفي الحالتين تتداخل وتتفاوت أخلاق كل منهما بين الغلظة في التعامل وبين الشعور المفرط بالظلم لتنزلق الى مستنقع الكره والحقد والاختصام في المحاكم.. وقد بدأتُ بالتعبير عن قلقي قبل واحد واربعين عاماً بالكتابة الهادئة ثم الغاضبة احياناً عن قانون هذه العلاقة وهو يتعرض للتعديل أو التشويه بما يؤدي الى تعكيرها وبالتالي تكدير الأمن الاجتماعي القائم على توازنها، ففي العام 1976 انتقدتُ الذين يملأون الدنيا صراخاً وعويلاً من باب الرحمة والعطف والشفقة على المالكين – المساكين – الذين لم يعودوا يجنون من ايجارات عقاراتهم القديمة كما يرغبون أو كما يجني المالكون الجدد! ويطالبون – تبعاً لذلك – بتعديل القديم أو بفرض قانون جديد يستند على مقولة (العقد شريعة المتعاقدين) ويبيح للمالك إخراج المستأجر اذا شاء ان يهدم المأجور مهما كان حديث الانشاء! وبعد سنوات من المحاولات المتكررة اللحوحة لتعديله تساءلتُ في العام 1980 لماذا تريد الحكومة ان تغير جوهر هذا القانون، ألأنه قديم، وهل كل قديم يجب تغييره؟! فنحن نعلم ان ذلك ضروري حين يطالب به عدد كبير من الناس إذا اصبح يشكل ضرراً عليهم أو يوقع بهم ظلماً، فهل يا ترى طالب المستأجرون وهم الغالبية العظمى في هذا البلد بتغييره أم ان الذي يضغط من اجل ذلك هم فئة المالكين لتحقيق منافع جديدة لا يوفرها لهم القانون القائم الذي اشهد انه يحمي الجانب الضعيف من تحكم الجانب المقتدر القوى اذ لا يسمح للمالك بطرد المستأجر وتشريده لمجرد الحصول على اجر أعلى يزيد سنويا دون ان يقابله أي تحسين في خدمات المأجور مثلاً!.. كما نعلم ان الحكومات تفكر عادةً بتغيير القوانين اذا رأت بانها اصبحت قيداً على التقدم الاقتصادي في مضمار معين فهل كان قانون المالكين والمستأجرين عقبة في طريق التوسع العمراني مثلاً؟ إن نظرة بسيطة على عمان تؤكد ان العكس هو الصحيح، فآلاف البيوت والعمارات تقام سنوياً وذاك دليل على ان هذا الاستثمار مازال اكثر اجتذابا برغم قانونه المتهم بالتخلف وعدم مسايرة روح العصر.

ومع ذلك كله كنت اشهد سنة بعد أخرى كيف كانت محاولات تعديل القانون تسير في الاتجاه الذي يرغب به اصحاب المصالح وحلفاؤهم في السلطتين التنفيذية والتشريعية التزاما بمبادئ (!) الاقتصاد الحر ما جعلني أطلق في 1982 تحذيراتي بأن ذلك سوف يؤدي حتماً الى تسهيل إخلاء المأجور من اجل هدمه اذا مر على انشائه خمس وعشرون سنة حسبما نص احد الاقتراحات ! استجابة لشهوة مضاعفة الربح من الايجارات ما يعني ان ينقصف عمر ابنيتنا تباعاً وعلى هذا المنوال سيبقى تراث عمان العمراني قصيراً محدوداً لا يتجاوز بضعة عقود في حين تزهو مدن العالم بامتداده لمئات السنين ! حتى اضطرتني خيبة الأمل أن أشكر (!) اللجنة المكلفة بتعديل القانون (في المجلس الوطني الاستشاري) لأنها تعطفتْ ووافقت على زيادة مهلة الهدم أي اطالة عمر مدننا الى أربعين عاماً!.. ثم توسلتُ الى اعضائها ان يُبقوا على بعض الاحترام للتاريخ بان يخضعوا تنفيذ مادة الهدم لموافقة المجلس البلدي بعد استشارة لجنة فنية وظيفتها المحافظة على ما يتبقى من التراث وهو اضعف الايمان.

وبعد.. فقد كنت أظن أنني بما كتبت سنة بعد أخرى دون توقف حتى اليوم حول هذه العلاقة التي ازدادت اضطرابا مع كل تعديل انما كنت ادافع عن مبادئ الأمن الاجتماعي التي اؤمن بها من اجل هذا الوطن ومن اجل استقرار الوشائج الانسانية بين ابنائه من المالكين والمستأجرين حتى لا تجنح بالشد والتجاذب فيما بين الجشع من جهة وعدم القدرة على اشباعه من جهة أخرى الى توتر طبقي أو فئوي لا تحمد عقباه خصوصاً عندما تبرز مشكلة المشردين بلا مأوى التي استفحلت حتى في أغنى بلد في العالم (الولايات المتحدة) وفي بعض دول الخليج لنفس السبب، ولم أكن أنوي العودة لهذا الشأن لولا أني قابلت قبل أيام شابا من رجال الاعمال الجدد حدثني فقال إن التعديلات المتكررة على قانون المالكين والمستأجرين تجاوزت حتى قاعدة العقد شريعة المتعاقدين فجعلتها دائما في خدمة المالك الذي يطلب زيادة الاجرة السنوية كلما شاء، ما يدفع التاجر لرفع أسعار بضاعته او خدماته باطراد او يضطر لسحب استثماره والخروج من السوق خاسراً وهو ما يعني في المحصلة انتكاسة دورية للاقتصاد الوطني بتعثر مئات من المشاريع الصغيرة كل عام.

المفارقة ان والد هذا الشاب كان رحمه الله صديقي وكان يغضب مما اكتب عن هذا القانون لانه كان يملك عقاراً تجارياً لا تعجبه اجرته القديمة.

عن الرأي

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023