الشرايري رئيساً لجامعة اليرموك والشلبي للطفيلة التقنية موقف إنساني.. أهالي الكرك يتكفّلون بمراسم عزاء ودفن مواطن يمني اطلاق مبادرة كلنا سواء في جامعة جرش العزام يفتح النار .. المكتب الهندسي خالف العقود ونطالب بتعويضات تصل الى 790 الف دينار الغذاء والدواء تكشف لـ "الحقيقة الدولية" عن قرار مهم يتعلق بالألبان الكوفحي يوجّه انتقادات حادة للقرارات التي تعرقل مشاريع استثمارية في إربد بلدية السرحان لـ "الحقيقة الدولية": تعثر مشاريع الطرق خارج التنظيم يهدد بخسارة مخصصات مالية كبيرة مسودة نظام تحظر الدعاية الانتخابية في عمّان إلا عبر الوسائل المرخصة البنك المركزي يقرر تخفيض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس الاحتلال يكثف قصف الأبراج والمنازل في قطاع غزة الصحة لـ "الحقيقة الدولية": إغلاق المطعم الذي تسبب بتسمم طلبة في إربد وارتفاع الحالات إلى 55 وزير العدل لـ "الحقيقة الدولية": إطلاق 100 خدمة إلكترونية جديدة بنهاية العام ازدحامات خانقة نتيجة تصادم 3 مركبات في نفق الداخلية 497 ديناراً متوسط الرواتب التقاعدية لكافة المتقاعدين في 2024 أجواء معتدلة خلال عطلة نهاية الأسبوع- فيديو
القسم : بوابة الحقيقة
الذكاء الاصطناعي في مواجهة الشائعات: هل يستطيع الأردن التنبؤ بالمعلومة قبل أن تنفجر؟
نشر بتاريخ : 5/11/2025 12:36:18 PM
م. أحمد يوسف الشديفات


بقلم: م. أحمد يوسف الشديفات

 

في زمن تُصاغ فيه الرواية العامة بكبسة زر، وتنتقل الأخبار أسرع من قدرة الناس على التحقق، لم تعد الشائعة مجرّد همس عابر، بل أصبحت أداة استراتيجية لتشكيل الرأي العام وتوجيهه. فبضغطة واحدة على هاتف ذكي، قد تنفجر قصة لا أصل لها، وتنتشر كأنها حقيقة، لتصنع واقعًا مزيّفًا، يصعب تفكيكه لاحقًا.

 

الأردن، بما له من خصوصية مجتمعية ومكانة إقليمية، لم يكن بمنأى عن هذا النمط الجديد من التهديدات. فمع كل أزمة أو استحقاق سياسي، تتدفق الروايات، وتتداخل الحقيقة بالتحريف، ويغدو المواطن حائرًا بين ما يسمع وما يثق به. وهنا تتجلى أهمية القيادة، التي لا تكتفي بردّ الفعل، بل تستبق الحدث، وتؤمن أن التكنولوجيا ليست رفاهية، بل وسيلة لحماية الوعي.

وقد شكّل سمو ولي العهد، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، نموذجًا لهذا التوجّه؛ شاب بفكر معاصر، يرى أن الأمن الحقيقي يبدأ من تحصين العقول لا فقط حماية الحدود.

 

اليوم، تتيح لنا التكنولوجيا فرصة جديدة لم تكن متاحة من قبل: أن نرصد الشائعة قبل أن تترسخ، وأن نفهم المزاج العام قبل أن يتحول إلى قناعة مغلوطة.

الذكاء الاصطناعي، كما تستخدمه دول متقدمة، قادر على تحليل ما يُنشر لحظة بلحظة، ليس للتجسس أو الرقابة، بل لرصد الأنماط، والتغيرات المفاجئة في طبيعة المحتوى وطريقة تداوله. هذه القدرة التحليلية تمكّن الجهات المختصة من قراءة إشارات مبكرة لحملات تضليل، والتدخل قبل أن تكتمل.

 

وقد طبّقت بعض الدول هذه المنهجية في حماية مجتمعاتها من الشائعات ذات البُعد العنصري أو التي تستهدف الاستقرار الاجتماعي. في كثير من الحالات، لم تكن القصة قد وصلت إلى العلن، لكن النظام التحليلي رصد “عاصفة رقمية” قبل وقوعها، فتحركت الجهات المختصة في الوقت المناسب.

 

بالنسبة للأردن، هذه ليست طموحات بعيدة. نملك العقول والكفاءات والبنية التحتية التقنية. وبالإرادة السياسية، يمكن تأسيس وحدة وطنية، تعمل بصمت وكفاءة، تحلل وتفكك وتفهم، دون أن تراقب أو تُصنّف. هدفها الأسمى: حماية الوعي العام قبل أن يتعرض للتشويش.

 

نحن لا نتحدث عن مطاردة إشاعة بعد وقوعها، بل عن تأسيس منظومة “وقاية إعلامية” استباقية. كما نستخدم الأرصاد الجوية للاستعداد للعواصف، يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي لرصد اضطرابات الفضاء الرقمي والتفاعل معها بذكاء وحكمة.

 

وإذا ما تكامل هذا الجهد مع إعلام مهني، وجامعات نشطة، ومراكز تفكير مستقلة، فإننا نكون قد وضعنا أساسًا راسخًا لحصانة مجتمعية حقيقية، تجعل المواطن الأردني أكثر وعيًا، وأقل عرضة للتأثر بالمعلومة الزائفة، فمن يربح ثقة الناس في زمن الفوضى الرقمية، هو من يكتب المستقبل.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2025