بقلم: المهندس مدحت الخطيب
عندما استمع إلى خطاب اللص النرجسي
(النتن ياهو) وهو يتكلم عن الأحداث في غزة ويهدد ويتوعد ويكتب خططه لما بعد الحرب
ويمني نفسه بها، أدرك بداهة أن هذا المخلوع بدأ يهذي، ويتحدث دون ضوابط عقلية ولا
مجسات نفسية تضبط له إيقاع الوهم الذي يعيشه، وهذا يعود بسبب الضربات الموجعة التي
تنهمر عليه- ليل نهار- من أبطال غزة وفلسطين وأحرار العالم، لا بل وصل اليه البلل
والانتقاد من أبناء كيانه وخصوصا أهالي الرهائن والجنود الغارقين في رمال غزة...
اليوم أصبح الصديق وحتى العدو يعلم علم
اليقين أن هذا المجرم يقول كلامًا لا يقوله إلا السفهاء السفلة من أمثاله، ولا
يتحدث بمثله إلا من فقد الأهلية والاتزان...
في كل خطاب له يكشف لنا هذا الأرعن أنه
يعيش في أزمة، وأنه فقد السيطرة على أعصابه، بسبب ما يعانيه من إحباط وضياع، فهو
يعلم بأن مصيره ومحاسبته على ما اقترفه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني أصبح قاب
قوسين أو أدنى، دون أن يجد ملاذا آمنا يؤويه، أو سلطة تحميه، أو محاولات ناجحة
للهروب من النفق المظلم الذي يؤويه إلا بالاستمرار في الحرب والقتل والتنكيل
والهدم...
منذ أن قرر ليون تروتسكي بإرسال خصومه
المنشقين عن المؤتمر السوفييتي الثاني في العام 1917 إلى مصيرهم المحتوم، حين صرخ
فيهم صرخته المشهورة والتي زلزلت أركان قاعة المؤتمر لحظتها حيث قال: «إنكم أناس
بائسون منعزلون! أنتم مفلسون، انتهى دوركم. اذهبوا إلى حيث تنتمون من الْآنَ فصاعدًا،
أنتم في مزبلة التاريخ».
منذ تلك الصيحة، فتحت المزبلة أبوابها
على مصراعيها، وأصبحت المقر الدائم والعنوان المثبت في السجل المكاني للكثير من
الوجوه النتنة تتقاطر اسماؤهم للدخول في متاهاتها كل يوم، فهي المقر المثالي لجلوس
المتخاذلين والمتآمرين والحاقدين والمنهزمين وإنصاف الرجال...
ماذا جرى فجر السابع من أكتوبر والصدمة
النفسية لما آلت إليه الأوضاع في إسرائيل وانهيار الجيش الذي لا يهزم وما تبعها من
الصمت العالمي الشاهد على مجازر اليهود بحق شعب أعزل لا يبحث إلا عن كرامته
واستقلال وطنه، فتح لنا مجالا أوسع لدخول دول وأشخاص وحتى قيادات وقادة وحكام
أفواجا متقاطرين إلى مزبلة التاريخ، لا بل ادخل منظومات ومنظمات دولية وحقوقية
برمتها إلى هناك، منظمات تصمت على هذا العهر والقتل والظلم جعلت من إسرائيل متنا
والعرب مجرد أرقام وهوامش لهذا المتن، منطق ساذج وطوباوي لا يمكن صرفه في معادلات
الهيمنة الصهيونية على المنطقة برمتها لا بل على العالم أجمع....