بني مصطفى: الإستراتيجية الوطنية للحماية الإجتماعية المحدثة شملت تحسينات جوهرية رويترز: قوات الأمن السورية تفجر مخلفات حرب في دمشق ارتفاع عدد شهداء "مصائد الموت" في غزة إلى 516 خسائر متتالية للاحتلال.. "القسام" تعرض وجها آخر لمعركة في خان يونس للمرة الثانية الثلاثاء .. انخفاض أسعار الذهب في السوق المحلية نادي الحسين ينجز مجموعة تعاقدات استعدادا للمنافسات المحلية والآسيوية تشييع جثمان الطفل عمار حمايل في "كفر مالك" شمال شرق رام الله جراحة عاجلة تنتظر بيلينجهام بعد المونديال مندوبا عن الملك وولي العهد.. يعزي العيسوي عشائر المجالي والغزاوي المنطقة العسكرية الشرقية تنفذ تمريناً عسكرياً بدون قطاعات (الرد الحاسم) النيابة العامة تستدعي نائباً سابقاً في قضية "أملاك الجماعة المحظورة" لجنة الخدمات والنقل النيابية تطلع على عمل وزارة الأشغال العامة والإسكان 79 شهيدا في غزة خلال 24 ساعة دراسة تكشف دور الفياغرا في تقوية العظام والوقاية من هشاشتها وزير المياه: خفض الفاقد وفر نحو 15 مليون متر مكعب

القسم : مقالات مختاره
الأردن وتجربة التأهيل الجنائي عدالة بروح إنسانية
نشر بتاريخ : 5/15/2025 10:51:45 PM
المحامية الدكتورة نور مازن الحديد

بقلم المحامية الدكتورة نور مازن الحديد

 

في مشهد يتجاوز العقوبة إلى الغاية الأسمى من العدالة، يخطو الأردن بثقة نحو ترسيخ مفهوم التأهيل الجنائي، بوصفه أحد أعمدة منظومة العدالة الجنائية الحديثة.

 لم تعد الغاية من العقوبة محصورة في الردع أو القصاص، بل باتت تدور حول الإصلاح، وإعادة بناء الفرد ليغدو عضوًا فاعلًا في المجتمع.

 

لقد تبنّى الأردن، خلال العقود الأخيرة، رؤية إصلاحية متقدمة تتناغم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ما جعل من تجربته نموذجًا رائدًا في المنطقة العربية

. ويجسّد هذا التحوّل الفلسفي تغيير المسمّى من "إدارة السجون" إلى "إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل" عام 1986، في دلالة واضحة على الانتقال من منطق العقوبة إلى منطق التهذيب والتأهيل.

 

ولم تقتصر هذه الجهود على البنية الفكرية وحسب، بل تُرجمت عمليًا من خلال إدخال نظام العقوبات البديلة، الذي جاء بموجب التعديل على قانون العقوبات رقم (27) لسنة 2017، ودخل حيّز التنفيذ عام 2018.

وقد أتاح هذا النظام للمحاكم إمكانية اللجوء إلى عقوبات غير سالبة للحرية في الجرائم البسيطة، للحد من الاكتظاظ داخل مراكز الإصلاح، وفتح أفق جديد أمام فرص الإصلاح الحقيقي.

 

وفي إطار تعزيز فرص التمكين داخل مراكز الإصلاح، انطلقت مبادرة "صُنع بعزيمة"، وهي مشروع ريادي يُعنى بتأهيل النزلاء عبر برامج تدريب مهني وحِرفي، تُزوّدهم بالمهارات اللازمة للاندماج في سوق العمل بعد الإفراج. وتُنفذ هذه المبادرة بشراكة بين إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، الذي ساهم في تطوير البنية التحتية للمشاغل المهنية، لا سيما في مركز إصلاح وتأهيل النساء في الجويدة.

وبإشراف المصممة الأردنية بترا أورفلي، تكتسب هذه المبادرات طابعًا إبداعيًا، حيث تُعرض منتجات النزيلات ضمن المعرض الدائم "صُنع بعزيمة" والمتجر الإلكتروني التابع له، ما يمنح النزيلات شعورًا بالقيمة، ونافذة اقتصادية تعزز كرامتهن واستقلاليتهن.

 

إلا أن التحدي الأكبر لا يكمن داخل أسوار مراكز الإصلاح، بل يبدأ لحظة الإفراج. فالمفرج عنهم غالبًا ما يواجهون تحديات نفسية، اجتماعية، واقتصادية قاسية، يتصدرها الوصم المجتمعي، وصعوبة الاندماج من جديد.

 من هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى توسيع برامج المتابعة اللاحقة للإفراج، لضمان استمرارية عملية الإصلاح، ومنع العودة إلى الجريمة.

 

إن بناء العدالة لا يكتمل إلا حين نمنح من أخطأ فرصة حقيقية للعودة، مؤمنين أن الإنسان قادر على التغيير، متى ما توفرت له بيئة داعمة، ومجتمع يؤمن بإمكانية النهوض.

 

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023