القسم : بوابة الحقيقة
لبنان والدولة المستحيلة
نشر بتاريخ : 1/18/2022 3:24:13 PM
مروان سمور


بقلم: مروان سمور

 

قدّر عدد المقيمين في لبنان خلال فترة المسح الذي اجرته (ادارة الاحصاء المركزي اللبنانية) لعامي 2018 و 2019 بحوالي 4.8 مليون نسمة توزعوا بين 80% من اللبنانيين و20% من غير اللبنانيين .

 ويتوزع الشعب اللبناني على 18 طائفة معترف بها , وتشمل المسلمين من السنة والشيعة والدروز والعلويين , بالمقابل المسيحيين ينقسمون إلى عدد من الطوائف، مثل المارونيين واليونان الأرثوذكس واليونان الكاثوليك .

واللبنانيون منتشرون في شتّى أنحاء العالم كمغتربين أو كمهاجرين من أصل لبنانيّ , ويصل عددهم - حسب تقديرات رسمية - لعام 2001  اكثر من 8.600.000 ملايين نسمة  .

 ويعيش الشيعة في جنوبي لبنان وفي شمالي سهل البقاع، بينما يعيش معظم السُّنة في المدن الكبيرة: بيروت، طرابلس، صيدا، وفي محافظة الشمال. ويعيش الدروز في منطقة الشوف في جنوب شرقي بيروت العاصمة ، ويسكن الموارنة في الإقليم الجبلي شرقي بيروت مباشرة ، بينما تعيش أعداد كبيرة من المسيحيين الروم في وادي البقاع .

 

نظام المحاصصة

ووفق الدستور اللبناني الحالي : ان لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية , ولكنه عرفا يعتمد نظام توزيع السلطات على الطوائف المؤلفة للنسيج والفسيفساء اللبناني ,  فمثلا رئاسة الجمهورية تعود للموارنة ، ورئاسة الوزراء تعود للسنة , أما رئاسة مجلس النواب فهي للشيعة , وفقا لما نصّ عليه اتفاق الطائف .

ان التقاسم الطائفي للمناصب في لبنان لا يقتصر على الرئاسات الثلاثة فقط ، بل يمتد ليشمل جميع المناصب الهامة العليا والمتوسطة. فقائد الجيش على سبيل المثال ماروني ، أمّا وزير الداخلية فهو مسلم سنِّي ، ومدير قوى الأمن الداخلي مسلم سنِّي ، ومدير المخابرات العسكرية مسلم شيعي ، وهناك أيضًا حصص للطوائف والأقليات الأصغر مثل الدروز والمسيحيين الأرثوذكس والأرمن .

 

مجلس النواب

اما مجلس النواب اللبناني فيبلغ اعضاءه 128 عضوا، ينقسمون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين ، أي 64 نائبا لكل طائفة ، ويتوزع النواب المسلمون على الشكل التالي : 27 نائبا للسنة ومثلهم للشيعة ، وثمانية نواب للدروز، ونائبان علويان .

 وعند المسيحيين يستحوذ الموارنة على الحصة الكبرى بـ 34 نائبا ، يليهم الروم الأرثوذكس بـ 14 مقعدا ، والروم الكاثوليك بثمانية مقاعد ، والأرمن بستة ، والإنجيليون بمقعد واحد ، إضافة إلى مقعد للأقليات.

 

اما توزيع مقاعد مجلس النواب الحالي على التيارات المختلفة , فكان كالتالي :

التيار الوطني الحر:  بزعامة جبران باسيل مع حلفائه  له 29 مقعدا , وتيار المستقبل : له 21 نائبا ، وحركة أمل : لها 16 مقعدا , اما حزب القوات اللبنانية : بزعامة سمير جعجع فتضم 15 مقعدا , وحزب الله : له 13 مقعدا , والحزب الاشتراكي : بزعامة  تيمور جنبلاط وحلفائه فتضم 8 مقاعد , اما تيار المردة : بزعامة سليمان فرنجية وحلفائه فيضم 7  مقاعد , وكتلة الوسط المستقل : بزعامة نجيب ميقاتي التي تضم 4 نواب , والحزب القومي السوري الاجتماعي : وتضم 3 نواب  , وحزب الكتائب : وتضم 3 نواب  , أما البقية فهم نواب مستقلون , ولكن جزء كبير منهم منحازين لأحد الاطراف الرئيسية .

 

محطات تاريخية

مع انتهاء الاحتلال الفرنسي عام 1943، اتّفق اللبنانيون على ما يطلق عليه «الميثاق الوطني» .

وقاد هذا الميثاق «بشارة الخوري» ليصبح أول رئيس جمهورية لبناني و«رياض الصلح» أول رئيس حكومة لبنانية , وذلك بعد استقلال البلاد عن فرنسا عام 1943 .

وبناء على هذا الاتفاق ، توافق اللبنانيون بشكلٍ عرفيّ على توزيع السلطة , بحيث ينال المسيحيون الموارنة رئاسة الجمهورية ، ويحصل المسلمون السنة على رئاسة الوزراء . والمسلمون الشيعة على رئاسة البرلمان .

وفي عام 1975 شهد لبنان حربًا أهلية دامت 15عامًا واستمرت إلى عام 1990 , راح ضحيتها اكثر من 150 الف لبناني .

 واستغلّت قوات الاحتلال الإسرائيلية هذه الحرب الأهلية وقامت بغزو لبنان عام 1982، حتى وصلت إلى بيروت قبل أن تنسحب حتى جنوب لبنان ومن ثم انسحابها منه عام 2000 .

وتوقفت الحرب الاهلية عام 1990 عندما اتفق الفرقاء ووقعوا على وثيقة (اتفاق الطائف) ، وتمّ خلالها تعديل الدستور اللبناني , وتوزيع السلطات بين الفرقاء .

والنتيجة , ان اتفاق الطائف , الذي أنهى الحرب الأهلية قبل 30 عامًا، ربما حافظ على السلام في لبنان ، ولكن اثره بدأ يتصدَّع على وقع فساد النظام السياسي الذي قام بتأسيسه , القائم على التوزيع الطائفي , والنخبة التي اتت من خلاله , وجعل من شبه المستحيل اتخاذ أي قرارات كبرى دون توافق جميع الفرقاء السياسيين الموزعين على أساس طائفي .

وأخيرا , اذا أردنا التعرُّف على السبب الحقيقي وراء هذه الاحتجاجات الاخيرة للبنانيين ، لن نجده يتجاوز انتشار الفساد في مؤسسات الدولة وبين قياداتها من مختلف الطوائف ، كما يقول المتظاهرون في هتافاتهم التي تطالب بإقالتهم جميعًا بلا استثناء تحت شعار «كلنّ يعني كلنّ»

 

 

 

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023