ولي العهد يحذر من خطورة الإجراءات "الإسرائيلية" الأحادية في تقويض السلام الوحدات يخسر من المحرق البحريني برباعية نظيفة في دوري أبطال آسيا 2 إربد .. هل يحسم القضاء اشكالية مشروع "حسبة الجورة" ؟ ترحيب عربي ودولي واسع بخارطة الطريق الأردنية السورية الأميركية بشأن السويداء ايمن هزاع المجالي: زيارة الأمير تميم تعكس عمق العلاقات الأردنية القطرية - فيديو الزعبي: المال السياسي شوّه الحياة النيابية وشراء الأصوات أضعف ثقة الأردنيين بالبرلمان - فيديو مجزرة جديدة.. عشرات الشهداء باستهداف الاحتلال مدينة غزة مبابي يكشف سر فوز ريال مدريد على مارسيليا إيزاك ينضم لقائمة ليفربول أمام أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا الفيدرالي الأمريكي يخفض الفائدة لأول مرة في 2025 علي السنيد يكتب : مستشارية العشائر والدور المنشود الاردن يدين قيام جمهورية فيجي بفتح سفارة لها في القدس المحتلة فريق طبي أردني ينقذ شاباً فلسطينيا تعرض لإصابة قاتلة من مستوطنين ورشة توعوية حول الآثار السلبية للإدمان والمخدرات في جرش مديرية شباب البترا تعقد لقاءً مع أصحاب المبادرات والمشاريع الصغيرة
القسم : بوابة الحقيقة
للنصر ألفُ أبٍ، والهزيمةُ يتيمةٌ
نشر بتاريخ : 1/14/2022 12:32:19 PM
د. حفظي حافظ اشتيه


بقلم: د. حفظي اشتية

 

 يحدث في بعض المؤسسات التعليمية أحيانا، أن المسؤول " الكبير " وأعوانه، يعقدون بينهم "حلف الظلم"، فتتوحد جهودهم، وتتكامل نقائصهم، لتسند مصالحهم الخاصة، ويتحكمون في مفاصل المؤسسة، وتصبح قراراتهم سيوفا مسلطة على رقاب المرؤوسين الذين يمثّلون صورة مصغّرة لشخصيات المجتمع، ويتصرفون هنا كما هو حال الناس هناك:

غالبية سلبية صامتة يغلب عليها الجبن والموادعة والمهادنة، والرضا بما يُقذف إليها من فتات الحقوق مجبولا بالهوان والمَنّ.

وفرقة رخيصة النفوس، معروضة في السوق للبيع والشراء، تتقافز نحو المسؤولين تودّدا مصطنعا، وتذلّلا مقيتا، ومداهنة بغيضة.

بينما تؤمن قلة بأن هذا الحال المائل لا بدّ من مواجهته، والإشارة إليه، والتنديد به، والثورة عليه، والاستعداد المسبق لدفع ضريبة موقفها هذا مهما غلا الثمن، لأن المؤسسة تستحق التضحية من أجلها، فهي جزء من المجتمع، وقطعة من الوطن.

وتبدأ المنازلة غير المتعادلة: قوة ظالمة باطشة متكافلة، غابت ضمائرها، وهاجرت أخلاقها، بيدها السطوة والنفوذ والقرار و"الهيلمان" الإعلامي، وفئة مستضعفة لا سلاح لها سوى ثقتها بنفسها وحقها، وقبل ذلك إيمانها بعدل ربها الذي لا يغيب......

تجتاحها الخسائر الوظيفية والمعنوية والمادية والشخصية، وتُفصل من عملها أو تكاد، لكنها تصمد دون تردّد، إلى أن يأتي أمر الله الذي لا رادّ له، فيقيِّض لها ظروفا مناسبة، وأصحاب قرار شرفاء، يسدلون الستار على الظلم وأهله، ويفتحون نوافذ الفجر الصادق للعدل والأمل.

ــ وهنا "فجأة" تنفك حبسة ألسنة الصامتين، وينطلقون يجأرون بالشكوى والتذمر والأنين، وتتناسل أقلام الكتابة عن العهد البائد ومظالمه ومصائبه، ويرتدي بعضهم رداء الفداء والعمل السرّي، فيرفع عقيرته زاعما أنه كان المعول الأساسي في التغيير، وأنه مكث طويلا تحت الأرض عميقا، دائبا على التحفير للإطاحة بالظالم.

وبعضهم يفاجئك عندما يصرّح بأنه كان حريصا على القرب المقصود من المسؤولين السابقين ليجمع الأخبار  والأدلة ليقوم بنقلها إلى المعنيين للإيقاع بهم والنيل منهم......إلخ

وهكذا يتمثل لنا جليّا مقام القائل :

وكلٌّ يدّعي وصلا بليلى                 وليلي لا تُقرُّ لهم بذاكا

إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ             تبيّن مَن بكى ممّن تباكى

ــ وبعضهم كان لصيقا بهؤلاء المسؤولين، يغضّون الطرف عن خطاياه المشينة، نهش كلّ ما لا يستحقه من مآدب مكارمهم، وظل يواصل زعيقه المزعج في الدفاع الباطل عنهم، ويحرّضهم على صاحب كل رأي يعارضهم، أو كاتب يعرّيهم، أو مظلوم يطالب بحقه ويشكو ظلمهم، ويطالبهم بملاحقة هؤلاء المظلومين إداريا وقضائيا لإخراس ألسنتهم!! وتكسير أقلامهم!! وإخماد أصواتهم!! ومحاصرتهم في المواقع الإخبارية لتمتنع عن النشر لهم، فلا يبقى أمامهم إلا مواقع قليلة شريفة لإظهار الحقيقة المخيفة.

وفجأة "أيضا" يتحول هذا المحرّض إلى رسول للسلام، يدعو إلى الصبر والتحمل، ونشر المحبة والوئام، والحرص على مصلحة المؤسسة التي يرتع هو وأمثاله فيها : مناصب ومكاسب وشهرة مدّعاة غير مستحقة.

ــ لكن الذي يفاجئنا إلى درجة الصدمة، هو ظهور وثائق ــ إن صحّت ــ فيها مخالفات مالية جائحة، تصوّر المؤسسة قصعة ملقاة في القاع، تتكالب عليها الضباع، وتتناهشها الجوارح الذميمة المفجوعة أسيرة الجشع والنهم والجوع المرضيّ للمال الحرام، تمصّ الدماء، وتخرج علينا بأشداق منتفخة، وبسمات سمجة صفراء، تتحدث عن الالتزام الحذافيري!! بالقوانين والأنظمة والتعليمات، وتحثّنا على الفزعة للتبرّع، وتصكّ أسماعنا بتصريحاتها الزائفة عن الوفاء والانتماء!!

إنّ كل من يكشف أية مخالفة إدارية أو مالية صادقة يستحق منا جميعا كل الشكر، لكنه شكر مصحوب بعتب وسؤال حارّ : آلآن وقد سكتَّ من قبل؟؟!!

لمَ لا نكون جميعا حريصين كل الحرص على مؤسساتنا، فلا نقترف مخالفة صغرت أم كبرت، ولا نقبل بمخالفة، ولا نسكت على مخالفة، ويكون شعارنا مصلحة المؤسسة أولا، ثم تتبعها مصلحتنا بالضرورة، ومثال أهل السفينة ينبغي أن يظل حاضرا فينا، لا يغيب مطلقا عن أذهاننا؟؟؟

لمَ نترك الخطأ يمتدّ، والخطر يتمدّد، والمخالفات تزداد وتتعدّد، والمؤسسة تتهالك وتكاد تتهاوى تحت سمعنا وأبصارنا، وننتظر معجزة غيبية تنقذها وتنقذنا، وعند ذلك فقط تنطلق ألسنتنا من معاقلها، وأقلامنا من المحابر، لنقف على الأطلال الخربة نبكي ونستبكي، ونندب حظّنا العاثر؟؟؟!!

ألسنا بذلك نخالف قرآننا الكريم "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"؟ وأحاديث نبينا العظيم حول مواجهة المنكر؟ وعيون التراث بشأن شيطنة الساكت عن الحق ؟ ونجافي سِيَر أعلام العلماء النبلاء الأتقياء الذين واجهوا الظلم ثابتي الجنِان، لا يخشون في الله لومة لائم؟   ما الذي سنعلّمه لطلابنا ــ وأساس العلم كله يقوم على الحقيقة ــ إنْ كنا نحن نعاني من عدم الثبات على الحق والمبادئ، ويغلبنا التأرجح واللجلجة، ويغلب على بوصلتنا التراقص والذبذبة؟؟ فكيف نقنعهم، ونكون مثالا حيّا يُحتذى لهم؟

ــ لا بدّ من التروي وإعادة النظر، والتزام الحق  فيما نقول ونفعل،  فالأمر جلل، وهو جِدٌّ لا مكان فيه للهزل، لأن التعليم السليم إنْ يتهاوَ في أمة، فاقرأْ عليها سلام القبور دون رحمة....

 

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2025