وزارة الداخلية: الإفراج عن عن 15 شخصا من موقفي اعتصامات الرابية ارتفاع عدد ضحايا العدوان إلى 34049 شهيدا و76901 مصاب منذ 7 أكتوبر بدء العمل بالتوقيت الصيفي في فلسطين استشهاد ٣ فلسطينيين خلال اقتحام الاحتلال لطولكرم لماذا لم يشمل العفو العام غرامات المسقفات والابنية والمهن؟ صناعة الأردن: الدعم الملكي يدفع بقطاع المحيكات نحو المزيد من الاستثمارات مباراة حاسمة للمنتخب الأولمبي أمام أندونيسيا بكأس آسيا غدا أبو السعود يحصد الميدالية الذهبية في الجولة الرابعة ببطولة كأس العالم أبو السمن يعلن انطلاق العمل بمشروع تحسين وإعادة تأهيل طريق الحزام الدائري الصفدي لـ CNN: نتنياهو "أكثر المستفيدين" من التصعيد الأخير في الشرق الأوسط يوفنتوس يتحرك لتدمير مخطط روما يجوّع ابنه الرضيع حتى الموت لتعزيز الصحة الروحية مايكروسوفت تطلق أوفيس 2024 للشركات بإصدار تجريبي لسبب غريب.. مزارع يقتل 3000 خروف بالرصاص عدة زلازل تهز تركيا.. عالم جيولوجي يتوقع المزيد والإعلام يرفض "الترويع"

القسم : بوابة الحقيقة
جمال عبد الناصر في الذكرى المئوية الأولى لولادته
نشر بتاريخ : 1/9/2018 2:44:43 PM
المحامي عمر زين


بقلم: المحامي عمر زين

في حياة الأمم والشعوب والأجيال، أفراد يواعدهم القدر، ويختصهم دون غيرهم بمواقف وأدوار طليعية يسجلها التاريخ الحضاري، بأحرف من نور وذهب، وتبقى وأصحابها على الدوام، منارة هداية وإشعاع واقتداء، لأفراد وأجيال الأمم والشعوب جمعاء.

جمال عبد الناصر – ولد ثائراً مع ثورة 1919 ومضت حياته حتى اللحظة الأخيرة منها في ميدان الثورة لا تعرف التردد، ولا تعرف الهزيمة، ولا تعرف الخنوع والاستسلام أمام قوى الثورة المضادة على اختلاف مواقعها في مصر، وفي دنيا العرب، وفي العالم الثالث على امتداد القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

وجمال عبد الناصر عاش ثائراً قوياً بنقسه لا يستند إلى عظيم أو كبير، بل انه كان يقاوم العظماء والكبراء من ذلك الزمان. وكانت زعامته أن يتحرر وان يستقل وقد ولد حراً مستقلاً لا تعوزه وسيلة ليمضي في سبيله مكافحاً حبوراً. رجل بني نفسه كالطود، واستعد لأداء رسالته في الحياة وظل يواصل كفاحه النفسي الثائر في السنوات التي تنقل فيها من الخرطوم في السودان إلى الصحراء الغربية في مصر، ثم إلى القاهرة مدرساً بالكلية الحربية اعتباراً من بداية عام 1942 ويفكر دائماً في المصير الرهيب الذي يصنعه الزعماء بأيديهم لهذا البلد الذي نُكِبَ بزعامتهم. حتى اذا ما حاصرت الدبابات البريطانية قصر عابدين – في قلب القاهرة – يوم 4 فبراير/شباط سنة 1942 ثارت نفس جمال عبد الناصر فكتب الى احد أصدقائه يقول: "اني اشعر بخزي وعار شديدين، لأن جيشنا سكت عن هذا الاعتداء وارتضاه، ولكني مسرور – على كل حال – لأن ضباطنا كانوا يشغلون أوقات فراغهم بالحديث عن المتع والمسرات، ولكنهم الآن بدأوا يتحدثون عن الانتقام..." وظلت ثورته تشتد يوماً بعد يوم الى ان ابعد عن القاهرة بإرساله والحاقه بالقوة المصرية التي كانت تراقب الموقف الحربي في منطقة العلمين أثناء الحرب العالمية الثانية. بعدها عاد إلى القاهرة إلى الدراسة في كلية أركان الحرب التي تخرج منها يوم 2/5/1948، والحق بعد يومين بكتيبة المشاة السادسة التي كانت أول كتيبة من الجيش المصري دخلت حرب فلسطين يوم 15 مايو/أيار سنة 1948.

وجمال عبد الناصر تفتحت براعم وعيه الإنساني والوطني والقومي العربي ، ومروراً بالإحساس، وخلوصاً إلى المسؤولية وإنتهاء بتحديد الدور والتصميم لإنجاز ما هو مطلوب تحقيقه على انقاض ما يتم دكه وهدمه ببناء صرح العزة والكرامة والمساواة والعدالة والآخاء والسيادة والحرية والاستقلال، ومن خلال هذا نستطيع أن نتبين أن جمال عبد الناصر في ذلك: كان البطل المنتظر للعب هذا الدور التاريخي بشخصيته الجادة المكونة في تلك المسيرة التي لم تخالطها العبثية ولا الانتهازية ولا شهدت انحرافاً وانغماساً في الملذات، وان شعب مصر بداية، وشعوب الأمة العربية نهاية من المحيط إلى الخليج هي المعنية والمختصة بانتظار هذا البطل لأنه منها ولها، وهو الذي كان متميزاً بالوعي الفكري والعلمي ومتسلحاً بالتنظيم – الأداة لتجسيد فكره وإيمانه على ارض الواقع وتحقيقه.

مع إشراقة شمس نهار 23/يوليو/تموز 1952 كان راديو القاهرة يعلن لشعب مصر وللأمة العربية ولأمم وشعوب العالم اجمع، قيام الجيش المصري ونجاحه بالثورة المصرية التي اقتلعت النظام الملكي المصري من جذوره، وتأسيس نظام ثوري جديد جمهوري يستمد سلطته الجديدة من الشعب المصري ومستنداً في ذلك إلى المبادئ الستة التالية:

القضاء على الاستعمار وأعوانه الخونة من المصريين.2- القضاء على الاقطاع.

3-القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم.4- إقامة عدالة اجتماعية.5- إقامة حياة ديمقراطية سليمة.6- إقامة جيش وطني قوي.

وعليه، لم تكن حركة الضباط الأحرار في الجيش المصري وبقيادة الهيئة التأسيسية ورئيسها جمال عبد الناصر: انقلاباً عسكرياً، كما ادعى منذ البداية المعادون لهذه الثورة في الداخل المصري وفي الساحة العربية: فالانقلاب العسكري – بعكس الثورة – يكتفي بتطبيق قاعدة: قم لأحكم مكانك وكفى: أما الثورة فهي اقتلاع للنظام القائم من جذوره تماماً كما توحي وتدل على ذلك المبادئ الستة المبينة أعلاه.
لقد كانت ثورة الجيش المصري بمبادئها الستة ثورة شعبية تغييرية جذرية بأداة عسكرية ولكنها كانت بمستوى الثورات الفرنسية والأميركية والبلشفية في التطلعات والاهداف، مع اختلاف الأداة المنفذة. وما أتعس واشقى الذين وصفوها بالانقلاب العسكري وانكروا عليها ثوريتها ومبادئها الستة تفقأ عيونهم، وإنجازاتها اللاحقة على ممر سنواتها خير شاهد على ذلك .

لقد انطلق جمال عبد الناصر إلى اكتشاف آفاق العمل الوطني في مصر وعلاقته الجدلية مع باقي إقطار الوطن العربي، ودول العالم الإسلامي وافريقيا التي عبّر عنها بالدوائر الثلاث: الدائرة العربية والدائرة الأفريقية والدائرة الإسلامية كما كتب في كتابه "فلسفة الثورة" الذي يبقى على الأيام شاهداً على عبقرية جمال عبد الناصر وثوريته الدائمة الإبداع.

مات جمال عبد الناصر وهو المؤمن بقدر الله رب العالمين: " انك ميت وانهم ميتون –كل نفس ذائقة للموت."

مات جمال عبد الناصر الانسان بجسده، ولم ولن يموت جمال عبد الناصر المؤمن - الرئيس - البطل – الثائر - المناضل – الرائد – القائد – المفكر – الملهم – الزعيم المصري والعربي والإسلامي والعالمي والإنساني. فهو دائماً معنا وبيننا وعلى الدوام، جيلاً بعد جيل بما تركه لنا وبما تركه فينا.

وهو القائل "لقد أعطيت هذه الثورة العربية عمري وسيبقى لهذه الثورة العربية عمري، ولسوف ابقى هنا، ما أراد الله لي البقاء، اقاتل بجهدي كله من اجل مطالب الامة العربية، واعطي حياتي كلها لحق الجماهير في الحياة. لم تكن عندي أحلام في مجد شخصي فلقد اعطتني امتي هذه من المحبة والتقدير والتأييد ما لم يكن يخطر ببالي في وقت من الأوقات، وليس عندي ما اعطيها غير كل قطرة من دمي."
صدق جمال عبد الناصر بكل ما كانه وبكل ما التزم وتعهد به ، وبقي على ذلك في كل عمره الى الحد الذي اراد الله له ،وشعبه المصري وامته العربية على ذلك من الشاهدين ومعهم الشعوب الحرة في العالم اجمع.

*الامين العام لاتحاد المحامين العرب سابقاً


جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023