غضب وعمليات توقيف في جامعات أميركية على وقع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين الصين تحذر من أن الدعم العسكري الأميركي لتايوان يزيد من "خطر حصول نزاع" نحو 282 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 2023 باريس سان جيرمان يهزم لوريان ويضع قدما على منصة التتويج الأحلام تتبدد.. ليفربول يتعرض لهزيمة ثقيلة أمام جاره اللدود إيفرتون وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الخميس 25 -4 -2024 اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات الجامعة العربية تدعو العالم للاعتراف بدولة فلسطين لإنقاذ فرص السلام روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي حول عدم نشر الأسلحة النووية في الفضاء القسام: استدرجنا قوتين صهيونيتين واوقعناهم بكميني ألغام " البلقاء التطبيقية" تقر خطة النشاطات الرياضية للفصل الثاني 3 وفيات جراء حادث سير مروع بوادي موسى - فيديو "البدور والنوايسة": سيكون هناك 'غربلة ' للأحزاب ولا يمكن إيقاف "الانتخابات" لأنها غير جاهزة نقل نجم المنتخب الأرجنتيني السابق إلى المستشفى قانون التنمية الاجتماعية يدخل حيز التنفيذ

القسم : مقالات مختاره
جابر عثرات الميزانيات!
نشر بتاريخ : 10/24/2017 7:11:33 PM
حلمي الاسمر

حلمي الأسمر


اقتراحي برسم التنفيذ الفعلي، دار في خلدي أخيرا، وهو تخصيص جائزة سنوية لمواطن ما، يختزل في شخصه كل صفات المواطن الصالح، الصبور، الصامت، المحتسب كل ما يجري له (حسابه بعدين عند رب العالمين!) ..

الجائزة تعبر عن امتنان الدولة له، فهو الممول الرئيس لميزانيتها، فهو يدفع ما يزيد عن ثمانين ضريبة، تبلع أكثر من نصف دخله، المحدود أو اللاموجود أصلا، وهو أيضا مواطن يتحلى بكل صفات «أيوب» صبور ومثابر وسكوت، ويلهج لسانه بالشكر على كل اجراء، ويعتبر نفسه منذورا لإكمال النصاب، أي نصاب يشاؤون، وهو جابر عثرات الميزانيات وعجزها الدائم، والمستهلك المثابر لكل ما تقذف به صناعاتنا الوطنية، والمستكين لكل الاجتهادات، والمصفق المرحب بكل القرارات، انه مواطن وادع يستحق منا كل رعاية لتشجيعه على مزيد من المواطنة الصالحة الممتثلة للمشيئات كلها، ما ظهر منها وما بطن.

انه يذكرني بأمي رحمها الله، التي كانت تعتذر ان ضحكت، وتداري وجهها ان تبسمت، تصحو باكرا قبل الكل، تبدأ عملها بالشكر والثناء على «نعمة» البقاء حية حتى الآن، ولا تخلد لفراشها الا حينما ينام الكل، وتطمئن على أنهم جميعا يتدثرون جيدا بأغطيتهم، ليس لها مطالب محددة الا رضى أبي والجميع، كانت توبخني ان «أزعجت» أحد الجيران بردي على اعتداءات أحد أطفاله، وكانت تنتهر اخواني ان رفعوا أصواتهم جراء مشاجرة، فنحن أسرة مستورة، لم يسمع صوتنا أحد، ويجب أن نبقى كذلك، كانت «مواطنة» تعطي بلا حساب في الأسرة، وهذا هو شأن «مواطننا» الحبيب، الذي يهب كل ليلة يتوقع فيها رفع سعر ما، كالمشتقات النفطية مثلا، لتوفير بضع دنانير، فيعبىء خزان سيارته، وهكذا يتصرف مع كل تطور، إنه رد «حنون» ومتواضع على قرار الرفع –أي رفع- لا يؤذي أحدا! بل يتماهى معه ويقبل به ويعمل باستحقاقه على الفور!

مواطننا يستقبل كل القرارات بالقبول لسبب هام ورئيس، انه يعتقد دائما وجازما أن الناس التي في الأعلى ترى أفضل، لأنها تشرف على الصورة من عل، وهم يعرفون المصلحة أكثر منه، وهو يعرف حده فيلزمه، وهو موقن أن الوطن يستحق منه أكثر مهما أعطاه، حتى ولو كلفه هذا الأمر التبرع بأحد أبنائه، ألا يسامح بدم طفل هرسته سيارة بفنجان قهوة؟ فكيف لا يتسامح مع قرارات حكومية «مدروسة» بعناية تستهدف ابقاءه عند حد اللهاث وراء رغيف الخبز، حتى لا تزوغ عينه الى ما هو أكثر، مما يضر بالمصلحة العامة، ومصلحته الشخصية، فلا يخطط أبدا لاقتراف فعل مناف للجوع أو الفقر!

أكثر من ذلك، هو يعتقد أن عليه ان يُسكت كل من يشذ عن طريق الصبر، وهو مستعد لرميه بكل التهم الكبيرة التي تخرجه من «الصف الوطني» ويستهجن –عادة- كيف يتجرأ البعض على التشكيك في قدرته على المزيد من الصبر، لأنه يعتقد أن مخزونه من الصبر، من فئة الطاقة المتجددة، لا الأحفورية، ولذا فهي لا تنضب، ففؤاده نابض بالولاء والانتماء، ولسانه يلهج بالدعاء لإصلاح الحال..

انه مواطن صالح وأيوب وعلى باب الله، وحليم جدا، لكن يتساءل سرا بينه وبين نفسه: الى متى؟؟

عن الدستور

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023