ستكثر «السواليف المدنية والسياسية» حول القرار وتفاصيله، وغالبا ستصدر عن الناس الأكثر جهلا بالعسكرية، وغاياتها وواجباتها المقدسة الكبيرة، وهذا أمر طبيعي لا يزعجني، فتحديات إعادة «التجنيد الإجباري» بعد انقطاع امتد لحوالي 30 عاما، ليس بالأمر السهل، سيما ونحن نعرف إمكانيات دولتنا الاقتصادية والسياسية، وإعادة هذه الخدمة العسكرية بغض النظر عن شكلها الجديد، هي أهم الرسائل السياسية الأردنية للداخل والخارج، فحماية الوطن أولا في عهدة العسكر، الذين لم يخونوا عهدا، ولم يتقاعسوا في تنفيذ واجب، وحين يكون هؤلاء البواسل في المشهد، فاطمئنوا.. ولا تفكروا بالنتائج السريعة، لكن فكروا بحماية ودعم هذه المؤسسة الوطنية المقدسة، واستثنائها من انتقاداتكم، فالجيش يتخذ قراراته، وينفذها، ولا تسمح قوانينه بمساءلة ولا يطلب منه تبريرات، سيما والانتقادات تدور في افلاك خارج المصالح الوطنية الأردنية المقدسة العليا، وكلها عليا ما دامت عسكرية.
ثمة فرصة استثنائية في موضوع التجنيد الإجباري، أجزم بأن فكرتها موجودة في ذهن كل من يفكر بطريقة نقية، وهي المتعلقة باستثمار الفرص، واكتساب المزيد من الفوائد الوطنية، والفكرة متعلقة هذه المرة بجهاز الأمن العام، والقضاء العسكري «أمن الدولة»، حيث هناك عشرات الآلاف من الشباب، القابعين في عتمات مراكز الإصلاح، والمحكومين بقضايا مختلفة، لا سيما قضايا المخدرات، فهؤلاء ضحايا من شبابنا الأردني، وهم فئة لا يستهان بهان، ويسهل على دولة عقلانية حريصة كدولتنا، أن تتخذ قرارات جريئة، وإخراجهم من ظلمات التيه إلى نور العسكرية وخدمة الوطن، بدلا من أن تخدمهم مديرية الأمن العام، وتنفق عليهم، وتسهر على راحتهم، فلتكن عقوباتهم القضائية «ذكية»، إنسانية، وطنية، تعيدهم إلى حياة الشرف والرجولة، بدلا من تسليمهم تسليما لعالم الجريمة، فكل الأرقام تقول بأن مشكلتهم تزداد، والعقوبات لا تقدم حلولا فعلية.. يجب التفكير بإنقاذهم فعلا، من خلال «تكريمهم» بعقوبات من نوع التدريب والتجنيد الخاص، ورصد النتائج، فأن أجزم بأنها ستكون نتائج «إبداعية» وطنية.. تنقذهم، وتحولهم إلى شباب أردني فاعل.
هذا كلام يمكن فهمه حين يكون الجيش في المشهد، فهو أم الوطن الرؤوم.
وللحديث بقية.. وشجون.