كنتُ سأكتب عن "العلم" وخدمته بعد الخطوة التي أعلنها سمو الأمير الحسين، ولي العهد، باستئناف، خدمة العلم، والبدء في إنفاذها، وقد احتفت الصحافة ووسائل التواصل والإعلام بهذه الخطوة التي تستجيب لرغبة الشارع الأردني، الذي يرى فيها استكمالاً لمواقفه في الدفاع عن وطنه.
ولكني أصبت بالألم والإحباط حين رأيت "العلم" الاسرائيلي يرفرف في سماء جبل العرب في مدينة السويداء على يد مدفوعين ومأجورين ومدسوسين أفسدوا مواقف الطائفة الكريمة، الموحدون بني معروف وشوهوها ، ففي المكان الذي ارتفعت فيه راية الثورة السورية الكبرى في وجه الانتداب الفرنسي، رفع العلم الاسرائيلي، وتلك فاجعة تمس وجدان السوريين جميعهم الموصوفين بأنهم يشكلون قلب العروبة النابض، حيث علمت سوريا العربي معنى العروبة والقومية والانحياز لها، وقدمت قوائم من المفكرين والفلاسفة والأدباء والأبطال في هذا المجال.
ما جرى في سوريا الآن وما يجري صادم، فهذا المنظر كان بمثابة "حصان طروادة" الذي جرى ادخاله لسوريا ليكون له ما بعد غزو القلعة السورية التي سبب حكمها السابق مأساة الضعف لسورياوما زال .
في العامية يقولون، "الولد الهامل يأتي لاهله بالمسبة "، وهذا ما حداث في سوريا الآن حين قامت قيادة خبيثة من طائفة الموحدين الدروز بالاستعانة والاستقواء بعدو الشعب السوري وعدو الأمة، الذي يذبح أطفال غزة ويهدد باجتياح الوطن السوري، وقد أقام احتلاله في الجولان وجبل الشيخ ومواقع سورية عديدة، ووضع على سوريا قيودا واشتراطات منها أن لا يتحرك الجيش السوري جنوب دمشق وأن يعزل درعا وبلدات أخرى في جنوب سوريا عن البلد الأم، وان يكون هناك حزام عازل في الجنوب السوري كما كان في جنوب لبنان، قبل تحرير الجنوب ابتداء.
منظر العلم الاسرائيلي في السويداءيوجع القلب، وكان وما زال يرفرف في السويداء وفي سماء جبل العرب، فهل يعقل ذلك ونحن نتذكر الشاعر السوري الملهم الكبير عمر أبو ريشه في قصيدته...
الاسرائيل تعلو راية
في حمى المهد وظل الحرم
كيف أغضيت على الذل ولم
تنفضي عنه غبارالتهم
أوما كنت إذا البغي اعتدى
موجة من لهب او من دم
من بين شيوخ العقل والمفكرين من الطائفة وزعمائها السياسيين وعلى رأسهم، وليد جنبلاط ابن الراحل الكبير كمال جنبلاط، يحذرون مما يجري ومن الانسياق وراء ذلك، لان فيه استعداء على الطائفة الكريمة وجرها الى بحر من الكراهية والصراع هي في غنى عنه لان لا احد يصادر حقها
فالجبل هو جبل العرب من قبل ومن بعد، والسويداء هي من سويداء القلب السوري، ولا يجوز أن يكون مسمار جحا في الجسم السوري، كما لا يجوز أن ترسل رسائل تظهر ادخال حصان طروادة الى سوريا من خلال رمزية العلم الاسرائيلي في سمائها.
لا حق لتقرير المصير لأي طائفة على الأرض السورية طالما أن النظام الجديد يحفظ لكل الطوائف حقوقها ويمكنها من اداء واجبها في الدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة ترابه.
لن يقبل الموحدون، بني معروف، بذلك ولن يقبلوا من عميل أو مجموعة عملاء أن يكونوا الفتيلة التي تفجر الوحدة الوطنية السورية وتشظيها، لأن في ذلك دعوة واضحة لتقسيم سوريا ، إذ بعد الدروز سيأتي الأكراد والعلويون وغيرهم.
وهذا أمر دونه الكثير الكثير، فهذه سوريا التي قاتلت الانتداب الفرنسي بقيادة الأمير فيصل الأول حيث أقام المملكة السورية منطلقا من دمشق وقد تلي بيان استقلالها من ساحة المرجة حين كلف المفكر عزت دروزة القيام بذلك قبل أن يعتدي الفرنسيون على دمشق ويدخلها القائد الفرنسي غورو بعد معركة ميسلون ثم كانت ثورتها الثورة السلوكية الكبرى بزعامة سلطان باشا الاطرش بقيادة احد ابناء الطائفة.
يجب تدارك الأمر الان قبل فوات الأوان في سوريا ويبدو أن المنطقة تجر الى الوحل في سوريا ولبنان، وحيث تريد اسرائيل أن تواصل تهديداتها ونحن نتطلع الى نهوض الأمة وقبولها التحدي والرد المناسب. اليس من الغريب الان ان يدعو المبعوث الاميركي إلى لبنان توم براك بضم لبنان إلى الشام ويقصد سوريا ويحاول ان يغري بالخروج من سايكس بيكو المقسم إلى اتحاد في حضن اسرائيل ليقول إن التقسيم لبلاد الشام كان خطأ وان الصواب هو وحدة بلاد الشام فما رأيكم وما هذه الصحوة المتأخرة لله دره !!!