ابراهيم عبدالمجيد القيسي
وقالوا إن «سكوتها يكفي كإعلانٍ عن موافقتها».. هذا في حالة
عربية تصف حالة طلب يد فتاة للزواج، وبما أنه عقد مبني على الإيجاب والقبول،
فاكتفى العرب بصمت الفتاة حين يخبرها ولي أمرها أن شخصا طلب يدها للزواج..
ولا يمكن تعميم حالة صمت طرف ما امام اتهام مثلا، باعتباره
إقرارا من الطرف الصامت، بأن ما يقوله الطرف الآخر صحيح..
ترى ما معنى الصمت في الصحافة؟.. وهل يمكن فهمه بأنه إقرار
بما ينطوي عليه تصريح او خبر ينتقد شخصا او مؤسسة، فيصمت من تم توجيه الانتقاد
إليه، علما أنه يمكنه الرد، اي أنه يملك الحق الصحفي القانوني بالرد، لكنه لا يرد،
فكيف يمكننا أن نفهم موقفه هذا؟
أحيانا تدور معارك بين خصوم ومتناكفين، أو أشخاص اختلفوا
فيما بينهم، ويكون فعلا أمرا مؤسفا حين يجري الاختلاف بين «أصدقاء او قل ندماء
ما»، ثم يخرج الخلاف إلى دائرة الجدل والسجال، ويتوسع ليشمل الدائرة الأوسع،
كالعائلة والمؤسسة التي يعمل بها طرف أو شخص من أولئك القرناء والندماء، وهنا قد
يترفع عن الرد، وموقفهم هذا لا يفهم قبولا بما تضمنه الخبر او التصريح، وقد يتم
توجيه اللوم من الناس «ليش سكتت!!»، وكل الغرض ربما يكون إقحام العاقل أو الكبير
في معركة ليست له، ولا هو طرف فيها.
تم الرد على كثير من مقالات كتبتها في هذه الزاوية، وقبل
أكثر من أسبوع، كتبت هنا مقالة انطوت على سؤال لمؤسسة ما، والطبيعي أن تمارس هذه
المؤسسة حق الرد المكفول، لو تعرضت لإساءة او ظلم من تلك المقالة، أو أن تقدم
توضيحا، إما مكتوبا ويجري نشره في نفس الزاوية والمكان الذي تم نشر المقالة فيه،
او الاكتفاء بالتوضيح للكاتب نفسه، وتقدم المؤسسة إجابة حول تساؤله، ويعود الأمر
للكاتب بأن يوضح الموقف للقراء والناس، أو يكتفي بالإجابة ولا يكتب عنها.. وقد
وصلتني إجابة عن تلك المقالة من مسؤولين محترمين يعملون في تلك المؤسسة، فكتبت
ثانية في زاويتي توضيحهم، والتزامهم بالمؤسسية في عملهم، فوق تفانيهم والتزامهم
بعملهم ودفاعهم عن مؤسستهم وعن الناس.
ما أود توضيحه للزملاء المهنيين، الذين يحترمون أنفسهم
وعملهم، وكلهم كذلك، في حال لم تجدوا الوسيلة للحصول على معلومة من زملاء، يعملون
في الإعلام الحكومي، واضطررتم لكتابة خبر يستفز او يهاجم تلك المؤسسة، فتوقعوا ان
يتم الرد على اخباركم، وتحسبوا جيدا بأنكم تتعاملون مع دولة، وليس مع شخص،
فالقانون حاضر ويمكن اللجوء إليه، وقد لا يكون هذا واقعا في اعتبار من يدبجون
أخبارا او إشاعات ضد المؤسسات والزملاء، فيقع المحظور، وتصبحوا من رواد المحاكم..
وقد يتم اللجوء لحق الرد، وهذا حق ذو حدّ قاطع خطير، وكبير، لا سيما إن كان الزميل
الذي يرد مهنيا ومؤدبا ومتمكنا من المهنة والمعلومة.