تحذير للمسافرين: هذا المطار هو الأكثر رعبا في العالم! غوارديولا يحبط جماهير مانشستر سيتي ويسعد عشاق صلاح! خبراء يدعون مشاركة مجتمعية واسعة في مكافحة الجريمة قبل وقوعها... فيديو بأيدي كفاءات وطنية.. سلطنة عُمان تنجح بإجراء أول عملية زراعة قلب من شخص متوفى دماغيا لمريض آخر برشلونة يتلقى ضربة موجعة قبل مواجهتيه الحاسمتين ضد إنتر وريال مدريد هيئة أمريكية توجه نداء عاجلا لترامب لدرء ضرر لا يمكن إصلاحه فاعليات تهنئ عمال الوطن بمناسبة عيد العمال الجيش الباكستاني يجرى تدريبات حربية واسعة النطاق في ظل التوترات مع الهند مصدر عسكري: مقتل 6 جنود بقصف شنه الدعم السريع في كوستي غارات جوية تستهدف محيط مدينة صعدة شمال اليمن الحكومة تنهي مشاوراتها لتقديم مقترحات لتعديل نظام تنظيم البيئة الاستثمارية الجمارك تضبط ١٣١٦٢ كروز دخان في 3 قضايا منفصلة أمين عام الاقتصاد الرقمي تتابع ميدانيًا سير عمل مراكز الخدمات الحكومية مصادر: ترامب يقيل مستشار الأمن القومي ونائبه "الأشغال" تبدأ بإنشاء طريق خدمة على مسربين من طريق المطار عند محطة المناصير

القسم : بوابة الحقيقة
فقراؤهم وفقراؤنا
نشر بتاريخ : 9/27/2022 12:02:36 PM
د. منذر الحوارات

في أحد المقاهي يجلس رجلان في مدينة عربية يستمعان لمذيع إحدى القنوات الفضائية وهو يتحدث عن الاحتجاجات العمالية والمهنية في مدن أوروبا والولايات المتحدة رفضاً لما وصلت اليه احوالهم المعيشية بسبب الغزو الروسي على أوكرانيا والذي أدى الى حالة غير مسبوقة من التضخم نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة وكذلك المواد الغذائية، يطلق الرجلان العنان لمخيلتيهما الواسعتين في تفسير أسباب هذه الاحتجاجات ومآلاتها ويهلل كلاهما إلى أن هذه هي الإرهاصات الأولى لنهاية الحضارة الغربية وأفول نجمها وبداية عهد جديد من القيادة الدولية أكثر إنسانية وأكثر حباً لنا نحن العرب كبديل عن الحضارة الغربية المتوحشة والتي مارست بحقنا أقسى أشكال الاستعباد والقهر.

ليس لدي علم بالأسس التي اعتمدا عليها صديقانا للوصول إلى هذا الاستنتاج المذهل إذ ما يزال الغرب بشقيه الأميركي والأوروبي يشكل ما لا يقل عن 50 ٪؜ من الاقتصاد العالمي بعدد سكان لا يتجاوز المليار من مجموع سكان الكرة الأرضية البالغ ثمانية مليارات نسمة عدا عن القوة العسكرية الهائلة وفيه يحق للإنسان أن يمارس ذاته سياسياً واجتماعياً دون تدخل من أي سلطة وفيه  يستطيع الشخص أن يَمثُل أمام القاضي مستنداً الى حقه فقط وما يمتلك من أدوات قانونية وفيه يحق لك ان تنتسب لأي حزب أو جمعية مدنية تدافع عن حقوقك وتقف بمواجهة الحكومات او اي جهة اخرى دون ان تُتهم بالخيانة او العمالة لأحد وفي الغرب تستطيع كشخص أن تقول ما تريد في إطار القانون ويستطيع الصحفي أن يستقصي ما يمس مصلحة المجتمع منطلقاً من هرم السلطة الى ادنى موظف أو مسؤول، وفيه لا يحق لأحد أن يمارس السلطة دون أن يختاره الشعب بطريقة حرة ونزيهة ولا يمكن له أي – المسؤول- أن يمارس الحكم دون أن يصرح بكل ما يمتلكه وفيه ما لا يخطر على بال من الحقوق، إذا كانت هذه مظاهر لانهيار الغرب الفاسد فمرحى بهكذا انهيار في ديارنا وبلادنا المنكوبة بالقوة والمنعة.

طبعاً ما يقود الى هكذا استنتاجات هو عدم المعرفة والجهل بالتاريخ، فالغرب قبل ان يصل الى ما هو عليه خاض مئات الحروب بينه وبين ذاته وبينه وبين الآخرين، غزى وغُزي قرونا من المحن أوصلته الى قناعة بذاته ولأجل ذاته وهو نتاج عمل الآلاف من العلماء والفنانين والمخترعين والكتاب والفلاسفة وهذه كلها معطلة في بلادنا لذلك حينما يخرج المواطنون هناك فإنهم على علم تام بأن هذا الخروج للدفاع عن رفاهيتهم وهو لن يؤدي بهم الى السجن او التسريح من العمل بل الى نتائج سياسية يلمسونها لا محالة عند نجاحهم، والاحتجاج عمل مشروع يقره القانون ومصون بالدساتير لديهم.

أما في بلادنا ونحن نمرّ بنفس الظروف من التضخم والغلاء إذ إن الحرب أدت إلى نتائج  متشابهة في تأثيرها على الأفراد مع فارق في مستوى الدخل وطريقة الاستجابة هناك يحق لهم ممارسة الاحتجاج وهنا يُعتبر الاحتجاج جريمة بل وخيانة عظمى تودي بصاحبها إلى مهاوي الردى وتقوده وأسرته الى درب الآلام التي لا تنتهي، غضبهم هناك دفاعاً عن الرفاهية ولدينا للبقاء على قيد الحياة، غضبهم يؤدي الى نتيجة وغضبنا هنا لن يؤدي إلا إلى الانفجار وإلى نتائج كارثية والمشكلة هي حالة الإنكار التي تبدأ من هرم  السلطة ولا تنتهي عندها إذ تطال المثقف والاعلامي والمواطن العادي فبينما نحلل انهيار الآخرين نتغاضى عن انفجار مدمر يسكن في قعر بحر بلادنا الهادئ لكن مصيره الانطلاق الى السطح بشكل لا يمكن ضبطه، إذاً تمهلوا اصدقائي فالغرب ليس بهذه الهشاشة والضعف ونحن لسنا بهذه القوة والاستقرار فبينما هم يحتجون ويحققون نحن نصمت كالعادة.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023