تحذير للمسافرين: هذا المطار هو الأكثر رعبا في العالم! غوارديولا يحبط جماهير مانشستر سيتي ويسعد عشاق صلاح! خبراء يدعون مشاركة مجتمعية واسعة في مكافحة الجريمة قبل وقوعها... فيديو بأيدي كفاءات وطنية.. سلطنة عُمان تنجح بإجراء أول عملية زراعة قلب من شخص متوفى دماغيا لمريض آخر برشلونة يتلقى ضربة موجعة قبل مواجهتيه الحاسمتين ضد إنتر وريال مدريد هيئة أمريكية توجه نداء عاجلا لترامب لدرء ضرر لا يمكن إصلاحه فاعليات تهنئ عمال الوطن بمناسبة عيد العمال الجيش الباكستاني يجرى تدريبات حربية واسعة النطاق في ظل التوترات مع الهند مصدر عسكري: مقتل 6 جنود بقصف شنه الدعم السريع في كوستي غارات جوية تستهدف محيط مدينة صعدة شمال اليمن الحكومة تنهي مشاوراتها لتقديم مقترحات لتعديل نظام تنظيم البيئة الاستثمارية الجمارك تضبط ١٣١٦٢ كروز دخان في 3 قضايا منفصلة أمين عام الاقتصاد الرقمي تتابع ميدانيًا سير عمل مراكز الخدمات الحكومية مصادر: ترامب يقيل مستشار الأمن القومي ونائبه "الأشغال" تبدأ بإنشاء طريق خدمة على مسربين من طريق المطار عند محطة المناصير

القسم : بوابة الحقيقة
بين مسؤول الأمس ومسؤول اليوم.. "عبد الرزاق الرحاحلة نموذجاً"
نشر بتاريخ : 3/21/2021 1:04:41 PM
د. حفظي اشتية

الزمان: الخامس من حزيران 1967.. المكان: القدس الشريف/ حي الشيخ جرّاح.. المسؤول: عبد الرزاق سلامة بديوي الرحاحلة

 

إنه مأمور تسوية الأراضي والمساحة في القدس، يعي جيداً أنّ الصراع مع الأعداء يدور على كلّ ذرّة من تراب القدس الطهور، وهو القوي الأمين على وثائق الملكيّة بين يديه، يدرك أنّ الحفاظ على الحقّ في الأرض مرهون بالحفاظ على هذه الوثائق، فهي التي تثبت ملكيّة الأهالي والأوقاف الإسلامية والمسيحيّة منذ عهد الدولة العثمانية بل منذ عهد صلاح الدين، وهو المؤتمن على الوفاء بمهمته، والقيام بالواجبات الموكولة إليه، يضع مخافة الله بين عينيه، ويكرّس حياته للالتزام بما وعد به وأقسم عليه.

أطلّت الحرب برأسها، ولاحت نُذر الشرّ، والظروف معتلّة، وموازين القوى مختلّة، والعدو ماكر يعرف جيداً ما يريد، إنّه يريد انتزاع الأرض من أهلها الشرعيين، وطمس حقوقهم في ممتلكاتهم إلى الأبد.

عصفت الأفكار في عقل الشاب السلطيّ ، وداهمته الأخطار، فاتقدَ ذهنه، واغتلى ضميره على الأمانة العظيمة عنده، فطلب من زوجته( السيدة عفاف زيد الكيلاني) أن تستعد سريعاً للرحيل، وألّا تحمل معها شيئاً من ممتلكاتهما الخاصة، لأنّ سيارته الصغيرة (الفولكس فاجن) ستنهض بمهمة كبيرة خطيرة.

توجّه إلى دائرته فزِعاً ملهوف الفؤاد، وبدأ ينقل الوثائق بقلب خافق إلى السيارة، يتمتم بآيات وأدعية متوسلاً أنْ يُتمّ مهمته، حريصاً على ألّا يترك قصاصة ورق خلفه، في الوقت الذي ترك فيه كل ما يملك في بيته.

حمل الأمانة الغالية وتوجّه إلى عمان مسكوناً بقلقه ولهفته، قاصداً دائرة الأراضي ليسلّم أمانته، وعندما وجدها مغلقة عاد بالوثائق إلى بيته في السلط, يحرسها برمش العين حتى يحين وقت ردّها إلى مكانها المكين الأمين.

وصدق ظنُّ الشاب الألمعي، فما أن اندلعت الحرب حتى كانت قذائف العدو الأولى تُوجّه نحو دائرة أراضي القدس لتجعلها قاعاً صفصفاً، وما علموا أنّ مسؤولاً قوياً أميناً ذكيّاً قد أحسن التصرّف قبل فوات الأوان، وأنقذ الوثائق إلى برّ الأمان.

تلك الوثائق سيكون لها أكبر شأن في المعركة الدائرة الآن في منطقة الشيخ جرّاح التي يُهدّد الآلاف من سكانها بطردهم من بيوتهم بحجة أنّهم لا يملكون وثائق بملكيّتها.

هذا نموذج ليس فريداً من مسؤولي الأمس الذين كانوا ينظرون إلى الوظيفة العامّة بأنها شرف وأمانة، يجعلونها محور حياتهم، ويقدمونها على مطالبهم الذاتية ومصالحهم الخاصة.

تُرى:

كم نسبة مثل هذا الموظف بين مسؤولي هذا الزمان؟! وبِمَ يفكر مسؤول اليوم عندما يداهمه خبر نقله أو إقالته؟ ولا نقول الحرب المفاجئة طبعاً.

سؤالٌ نعرضه برسم الإجابة، ونوجّهه إلى كلّ مسؤول كبيراً كان أم صغيراً، عسى أنْ يخلق عندنا عصفاً ذهنياً يقودنا إلى الإجابة عن أسئلة أكبر وأخطر:

لماذا أصبحنا على ما نحن عليه الآن من هوانٍ بعد عزّ؟ وكيف ضعُفت همتنا بعد رفعة؟ وكيف تحوّل المسؤول عندنا من الحفاظ على عظائم الوطن العامّة إلى الاستماتة في الدفاع عن صغائر المصالح الخاصة؟

حقّاً:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم          وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتكبر في عين الصغير صغارها          وتصغر في عين العظيم العظائم

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023