القسم :
عربي - نافذة شاملة
نشر بتاريخ :
10/09/2025
توقيت عمان - القدس
1:52:09 AM
الحقيقة الدولية - عمان - خاص
في
إحدى أكثر الخطوات"رعونة" التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة،
استهدفت "إسرائيل" قيادات حركة حماس في قلب العاصمة القطرية، الدوحة.
هذه
العملية لم تكن مجرد إجراء عابر بل رسالة شديدة الوضوح، موجَّهة إلى عواصم إقليمية
ودولية على حد سواء، بان تل أبيب باتت مستعدة لتجاوز حدود النزاعات التقليدية
والخطوط الحمراء التي كانت تُعتبر من المحرّمات الجيوسياسية.
هذا
الحدث يطرح تساؤلات عميقة تتجاوز مجرد الأسباب الظاهرة للهجوم. هل كان الاستهداف
موجَّهًا فقط ضد قيادات حماس، أم أنه يحمل في طياته رسالة أشمل تستهدف نفوذ قطر
وسطوتها الاعلامية وقدرتها على توجيه الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي
وصورتها العالمية التي برزت عبر قوة "الجزيرة" وشبكتها الاعلامية
العملاقة؟ هذه القناة، اتفقنا معها ام اختلفنا ، سخر لها امكانيات مالية وتقنيات
متطورة وجيش من الاعلاميين اصحاب الخبرة الواسعة سعت الى كشف
الجرائم "الإسرائيلية" للرأي العام العالمي وتغيير مواقف العديد من
الدول، وهو ما قد تعتبره "إسرائيل" مصدر تهديد مباشر.
أمام
قيام "إسرائيل" بكسر أحد "التابوهات" المحرمة مع قطر ودول
الخليج، يطرح سؤال جوهري نفسه: هل يمكن أن يصبح مبنى قناة "الجزيرة"
وشبكتها الإعلامية في الدوحة الهدف القادم للقصف من قبل آلة الحرب الصهيونية؟ أم
أن رئيس الوزراء الارعن بنيامين نتنياهو يسعى لإيصال رسالة مفادها أن صوت
"الجزيرة" يجب أن يخفت، وإلا فإن ذراع "إسرائيل" العسكري قادر على استهدافها دون أي اعتبار لمبادئ الحريات الصحفية وحقوق الإعلام الدولية،
التي يبدو أنها لا تشكل اهتمامًا يُذكر بالنسبة له ولحكومته المتطرفة.
وهذا يطلق
العنان لمزيد من التحليق الفكري بالتساؤل كيف ستتغير الديناميكيات السياسية
والأمنية في المنطقة بعد هذه الخطوة غير المتوقعة؟
لا
يمكن فصل هذا التصعيد عن سياقه الأوسع. فمنذ بدء حرب غزة، لعبت قطر دور الوسيط
الفاعل بين "إسرائيل" والفصائل الفلسطينية، حيث استضافت مفاوضات دائمة
حول جهود التهدئة وإطلاق الأسرى. هذا الدور جعلها طرفًا مركزيًا في معادلة الأزمة،
ومع ذلك، فإن توقيت العملية يشير إلى محاولة استراتيجية لتقليص نفوذ قطر وإضعاف
دورها الإقليمي والدولي واضعاف قوتها الاعلامية، خاصة أمام الراي العام وامام
الولايات المتحدة التي تعتمد عليها كلاعب رئيسي في المنطقة.
رسالة
"إسرائيل" واضحة وصريحة: أي طرف يحاول تعطيل تحركاتها أو يسهم في إطالة
أمد الصراع لن يكون في مأمن من إجراءاتها الأمنية والعسكرية.
تحليل
المشهد يشير إلى احتمالين أساسيين خلف هذا التحرك. الأول أن العملية تهدف بالدرجة
الأولى لإرسال رسالة سياسية بدلاً من فتح مواجهة عسكرية واسعة. الهدف هنا يكمن في
تقليل مساحة المناورة القطرية ورفع كلفة الوساطة لأي طرف آخر يحاول لعب دور مشابه.
وهذا الاحتمال يبدو الأكثر واقعية لأنه يتماشى مع استراتيجية الردع "الإسرائيلية"
دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع دول الخليج أو إثارة قلق حليفها الأمريكي بشكل
مفرط. الاحتمال الثاني، وهو أضعف ترجيحًا، يتمثل في أن تكون العملية جزءًا من خطة "إسرائيلية"
أوسع لتوسيع رقعة الصراع الإقليمي، عبر استفزاز إيران أو وكلائها للرد بطريقة غير محسوبة
ما يمنح "إسرائيل" ذريعة لتصعيد عسكري مدعوم غربيًا.
المشهد
الحالي يعكس واقعًا يتجاوز مجرد عملية عسكرية؛ إنه محاولة لإعادة تشكيل الخريطة
السياسية الإقليمية بجرأة غير مسبوقة. ومع ذلك، في منطقة الشرق الأوسط، حيث
التوترات غالبًا ما تتحول إلى مواجهات غير محسوبة، يحمل هذا التصعيد خطر الانفجار
بشكل يتجاوز توقعات الأطراف المعنية .