القسم :
محلي - نافذة على الاردن
نشر بتاريخ :
04/09/2025
توقيت عمان - القدس
10:37:27 PM
الحقيقة الدولية - قال رئيس هيئة علماء الأردن، وزير الأوقاف
الأسبق، الدكتور عبد الناصر أبو البصل، إن ذكرى المولد النبوي الشريف "لم
تعد" مجرد مناسبة احتفالية، بل يجب أن تكون محطة للتأمل والمراجعة في واقع
الأمة الإسلامية، وفي مدى الالتزام بقيم النبي محمد "صلى الله عليه وآله
وسلم" وتعاليمه.
شدد أبو البصل، خلال حديثه لـ برنامج "واجه
الحقيقة"، على أن الظروف التي يعيشها العالم اليوم من أزمات أخلاقية
واجتماعية تشبه في جوانب كثيرة واقع الجاهلية في القرن السادس الميلادي، مؤكداً أن
الرسالة النبوية جاءت لتبني نظاماً إنسانياً يقوم على الرحمة والعدل والمساواة
والتكافل.
"الإنسانية
تئن اليوم من أمراض وانحدارات متعددة، وهو ما يجعل الحاجة إلى القيم النبوية أكثر
إلحاحاً"، وفقاً لـ رئيس هيئة علماء الأردن، الذي أشار، إلى أنّ، الأمة
الإسلامية مطالبة بإعادة مرجعيتها إلى السنة والسيرة النبوية لتكون بوصلة في
مواجهة التحديات.
وتوقف أبو البصل عند جملة من القيم التي اعتبرها أساساً في
النهوض بالأفراد والمجتمعات، وفي مقدمتها الرحمة، قائلاً إن "الرحمة كانت
جوهر الرسالة النبوية وتجسدت في تعاملاته كافة".
كما أشار إلى العدل والمساواة والتكافل باعتبارها قيماً أزال
بها الإسلام مظاهر الجور في الميراث والرق والربا، إلى جانب الصدق والأمانة التي
عُرف بها النبي قبل بعثته.
ذكر وزير الأوقاف الأسبق، بأنّ الرفق والحلم واللين يجب أن
تكون "سجية في حياتنا اليومية"، معتبراً أن غياب القيم يفاقم أزمات
المجتمع والعلاقات الإنسانية.
ورأى رئيس هيئة علماء الأردن، أن التكنولوجيا والذكاء
الاصطناعي يمثلان أحد أبرز تحديات العصر، موضحاً أن "التقنيات أدخلت مفاهيم
جديدة وأثرت في بعض القيم"، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى امتلاكها واستخدامها
بطريقة صحيحة.
وأكد، على أن التربية والتعليم يظلان الأساس في بناء شخصية
الإنسان المسلم، محذراً من أن الأجيال الجديدة أصبحت تعتمد بشكل متزايد على
"التربية الذاتية"، الأمر الذي يتطلب خططاً استراتيجية لمواجهة المؤثرات
الخارجية والتيارات الفكرية المختلفة.
وفي ما يتعلق بالأسرة، نوه أبو البصل، إلى أنّ الزواج لا
يقتصر على الجانب المادي أو الإنجاب، بل يجب أن يكون مؤسسة تربوية تُعنى بإنشاء
أبناء صالحين. واستشهد بأحاديث نبوية تؤكد على اختيار شريك الحياة على أساس الدين
والخلق، لافتاً إلى أن السيرة النبوية تقدم نموذجاً متكاملاً في التعامل الأسري،
سواء مع الزوجات أو الأبناء.
وتناول أبو البصل قضية التعصب المذهبي والفكري، معتبراً أن
"المسألة تجاوزت حدود المذاهب لتصل إلى أشكال متعددة من التعصب للأفكار
والمعتقدات"، مؤكداً، على ضرورة إعادة تدريس سير أعلام العلماء والفقهاء
لتكريس قيمة الوسطية، إلى جانب ترسيخ منهجية "أدب الاختلاف" التي تقوم
على الحوار وتقبّل التعددية الفكرية.
أردف الدكتور عبد الناصر أبو البصل، بالقول إنّ، مواجهة
التحديات الراهنة تتطلب "عملاً مؤسسياً متكاملاً" يشارك فيه المسجد
والمدرسة والجامعة والأسرة ووسائل الإعلام، مشيراً إلى أن حجم المسؤولية أكبر مما
يُبذل حالياً.
ورغم وصفه واقع الأمة بأنه "لا يرضي النبي" صلى
الله عليه وآله وسلم، فقد شبّه أبو البصل الأمة بجسد "حي لكنه مريض
ومكبّل"، مؤكداً في الوقت ذاته أنها ما زالت تملك عناصر قوة وخير كثيرة،
وأنها قادرة على النهوض من جديد.
وختم بالقول إن "إعادة قيمة الرحمة والتكافل بين أبناء
الأمة" تمثل مدخلاً رئيسياً لإصلاحها، داعياً إلى التركيز على بناء الشخصية
والعقلية والتربية قبل الانشغال بالخلافات والجدالات الفقهية.