الحقيقة الدولية – خاص - قال العقيد المتقاعد نضال أبو زيد، المحلل العسكري والاستراتيجي، إن "إسرائيل" باعتبارها قوة احتلال تعمل على إعادة تشكيل الواقع في الضفة الغربية عبر فرض سيادتها على الأرض وتفريغ دور السلطة الفلسطينية من مضمونه، في إطار خطة أوسع تستهدف تغيير البنية الديموغرافية والسياسية في الأراضي المحتلة.

وأوضح أبو زيد خلال مشاركته في برنامج واجه الحقيقة أن خطط الاحتلال تسير في اتجاه تحويل الضفة الغربية إلى مناطق تُدار عبر "بلديات عشائرية" مرتبطة مباشرة به، بدلاً من بقائها تحت إشراف السلطة الفلسطينية. وأضاف أن هذا المشروع الذي طُرح في أوساط إسرائيلية يأتي بالتوازي مع تكثيف الاستيطان في مناطق مثل مستوطنة "E1" ومسافر يطا، إضافة إلى السيطرة على الطرق الحيوية التي تفصل شمال الضفة عن جنوبها.

وأشار أبو زيد إلى أن الاحتلال لا يسعى إلى إنهاء السلطة الفلسطينية بشكل كامل تجنّبًا لاتهامات الدولة الواحدة ونظام الفصل العنصري، لكنه يحاول فرض "سلطة بمقاسات إسرائيلية" تقتصر مهمتها على إدارة شؤون بلدية محلية، بينما تُصادر سلطاتها السياسية. ولفت إلى أن تجميد أموال المقاصة وملاحقة المؤسسات المالية الفلسطينية يأتي في سياق الضغط على السلطة لإجبارها على قبول هذا الواقع الجديد.

أما في قطاع غزة، فرأى أبو زيد أن المقاومة أظهرت قدرة لافتة على التكيف مع العمليات العسكرية، مؤكدًا أن معركة حي الزيتون الأخيرة أبرزت مرونة الفصائل في إدارة الاشتباك الميداني. وأوضح أن إعلان الاحتلال عن استعادة جثة أحد جنوده قد يكون "طعماً" استدرج عبره إلى كمين محكم، ما دفعه لاحقًا إلى استخدام ما يُعرف بـ"بروتوكول هانيبال" في محاولة لتقليل خسائره البشرية.

وأضاف أن اغتيال شخصيات قيادية بارزة مثل أبو عبيدة أو يحيى السنوار – إن حدث – لن يؤدي إلى إضعاف المقاومة، لأنها ليست مرتبطة بأفراد بل تعتمد على هياكل تنظيمية أفقية تسمح لها بإعادة بناء صفوفها بسرعة. وقال إن هذا النمط من التنظيم يمنح المقاومة قدرة أعلى على التعافي مقارنة بسرعة الاحتلال في تدمير قدراتها.

وفيما يتعلق بالتداعيات الإقليمية، أكد أبو زيد أن التصعيد الذي ينفذه الاحتلال في جنوب لبنان وسوريا يعكس أبعادًا أمنية واستخباراتية أكثر من كونها عسكرية، مشيرًا إلى أن عمليات مثل تلك التي جرت في منطقة الكسوة بسوريا تهدف إلى جمع معلومات وزرع أجهزة تنصت. وأضاف أن الوضع في اليمن مرشح لتطورات نوعية في الأيام المقبلة، خصوصًا مع استمرار الهجمات على أهداف إسرائيلية وربط صنعاء موقفها بشكل مباشر بما يجري في غزة.

وختم أبو زيد بالقول إن الاحتلال يتحرك وفق مسارين متوازيين: الأول فرض واقع جديد في الضفة الغربية يقوم على السيطرة الكاملة وتصفية دور السلطة الفلسطينية، والثاني مواجهة طويلة الأمد مع المقاومة في غزة التي ما تزال قادرة على فرض معادلات ميدانية معقدة، بينما تتسع رقعة التوتر الإقليمي في لبنان وسوريا واليمن لتضع الاحتلال أمام تحديات متزايدة.