القسم : ملفات ساخنة
نبض تيليجرام فيس بوك
نشر بتاريخ : 31/05/2025 توقيت عمان - القدس 6:46:25 PM
من وادي رم إلى البترا.. حفلات "ماجنة" تصدم الأردنيين و"اختراق للقيم".. من يحاسب؟
من وادي رم إلى البترا.. حفلات "ماجنة" تصدم الأردنيين و"اختراق للقيم".. من يحاسب؟

الحقيقة الدولية - محرر الشؤون المحلية

 

 في مشهدٍ صدم الرأي العام الأردني، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية مقاطع وصورًا لحفلين صاخبين أُقيما في كل من وادي رم وساحة الخزنة في البتراء، بحضور مئات المشاركين من جنسيات مختلفة، ضمن فعالية تُعرف باسم "مهرجان المدينة"، الذي يُنظّم سنويًا في عدة دول حول العالم.

 

الفعاليتان، اللتان أُقيمتا بتنسيق مع شركة خاصة، أثارتا موجة غضب واستياء واسع في الأوساط الشعبية والرسمية، لما حملتاه من مشاهد خارجة عن قيم المجتمع الأردني، ومنافية لعاداته وتقاليده، فضلًا عن إساءتهما الواضحة لقدسية المكانين: وادي رم، رمز الجمال الطبيعي والخصوصية الجغرافية، والبتراء، درة الحضارة النبطية، وواجهة الأردن إلى العالم.

 

الصور والفيديوهات المتداولة أظهرت مشاهد رقص مختلط وملابس فاضحة وأجواء تُشبه إلى حد كبير ما يُقام في "المهرجانات العالمية"، دون مراعاة لخصوصية المكان أو رمزيته، وهو ما اعتبره كثيرون "تعديًا فجًا" على الذوق العام، واستفزازًا غير مبرر لمشاعر الأردنيين.

 

ومع تصاعد السخط الشعبي عبر منصات التواصل، تدخل رئيس الوزراء، الدكتور جعفر حسان، معلنًا فتح تحقيق فوري وشامل في القضية، مؤكدًا أن "ما جرى لا يمثل العادات والتقاليد الأردنية"، ومتعهدًا بمحاسبة كل من يثبت تقصيره.

 

هذه الحادثة، تطرح سلسلة من الأسئلة حول آليات الرقابة على الفعاليات الفنية والسياحية، وحول الجهة المسؤولة عن منح التصاريح لمثل هذه الأنشطة، لا سيما أنها أُقيمت في مواقع تراثية محمية يفترض أن تخضع لمستويات عالية من التدقيق الأمني والثقافي والمؤسسي.

 

وفي وقتٍ برّرت فيه بعض الجهات والاشخاص أن الهدف من الحفل هو "تنشيط السياحة" وترويج الأردن كوجهة عالمية، يرى كثير من المراقبين أن ما حدث لا يمت بصلة إلى السياحة المسؤولة، بل يندرج ضمن نمط "الاختراق الثقافي الناعم"، الذي يستهدف البنية الأخلاقية للمجتمعات من بوابة الفن والترفيه، مستغلًا ضعف الرقابة وتراخي الجهات المعنية.

 

القول بأن الأردن بحاجة إلى هذه الأنماط من الترفيه لجذب السياح، مغالطة واضحة فاضحة، فالأردن يزخر بعوامل جذب تاريخية وطبيعية وروحية تؤهله ليكون من أبرز الوجهات في المنطقة، دون الحاجة إلى "مهرجانات صاخبة" قد تنجح في لفت الأنظار مؤقتًا، لكنها تترك أثرًا بالغًا على صورة البلد وهويته الثقافية والاجتماعية.

 

فالبتراء ليست ساحة رقص، بل شاهدة على إرث حضاري عريق عمره آلاف السنين. ووادي رم ليس ملهى ليليًا مفتوحًا، بل محمية طبيعية أعلنتها اليونسكو إرثًا إنسانيًا، وتغنّى بها الكتّاب والسينمائيون في العالم أجمع.

 

وإن كان موقف رئيس الوزراء موضع تقدير من قبل قطاعات واسعة، إلا أن الشارع الأردني لا يزال يترقب خطوات عملية تُفضي إلى نتائج ملموسة، تبدأ بمحاسبة المتورطين، ولا تنتهي بإعادة النظر في الضوابط القانونية والإدارية المتعلقة بالفعاليات العامة، خاصة في المناطق التراثية والسياحية ذات الحساسية الرمزية العالية.

 

فالصمت أو التبرير أو تأخير المحاسبة، كلها عوامل تغذّي الإحباط وتفتح المجال أمام تكرار مثل هذه الحوادث، بل ربما ما هو أخطر منها مستقبلاً، إذا لم تُقرع أجراس الإنذار مبكرًا، ويُرسم خطٌ واضحٌ بين الانفتاح الحضاري والانزلاق الأخلاقي.

 

في الختام...

ليس من المقبول أن تُدار المواقع الأثرية في الأردن بعقلية تجارية بحتة، أو أن تُستثمر لأغراض بعيدة عن رسالتها التاريخية والثقافية، كما أنه ليس من العدل أن تُختزل صورة الأردن في حفلة عابرة تُبث للعالم، بينما أهله يغصّون بمرارة المشهد ويدفعون ثمنه من سمعة بلدهم وتاريخه الضارب في جذور الحضارة.

 

الهوية ليست رفاهية... بل خط أحمر، وعلى الحكومة أن تُثبت في كل حين أنها الأحرص على صونها، لا أقل من مواطنيها الذين يرفضون المساس بكرامة وطنهم ، تحت غطاء "السياحة والترفيه"، ولا تحت أي غطاء اخر!

Saturday, May 31, 2025 - 6:46:25 PM
المزيد من اخبار القسم الاخباري

آخر الاضافات


أخبار منوعة
حوادث



>
جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023