وزارة التربية: دوام طلبة المدارس يبدأ الأحد 24 آب اربد: محلات للبيع "بداعي الطفر".. والشوحة: الأسواق في "حالة سبات" - تقرير تلفزيوني وفد رسمي سوري في الأردن غدًا.. وملفات اقتصادية هامة على طاولة الحوار إصابتان بتدهور مركبة على مدخل بلدة الغوير في الكرك الضمان الاجتماعي: هذه شروط عودة المتقاعد مبكراً للعمل رئيسة "الخارجية النيابية" تبحث مع السفير الياباني تعزيز التعاون البرلماني العثور على جثة مهندس في وزارة المياه بعد يومين من وفاته ماسك يطالب ترمب رفع السرية عن وثائق "إبستين" 32.5 % نسبة إنجاز أولويات رؤية التحديث الاقتصادي للأعوام (2023-2025) الفراية يوجه بتنفيذ حملات أمنية على مناطق محيطة بجسر الملك حسين "اتحاد كرة السلة" يستقطب خبيرا نفسيا عالميا للمنتخب 10 أسئلة نيابية من العرموطي لوزيري الداخلية والمياه "حماية المستهلك" تحذر إيران: ضبطنا شرائح تجسس بأحذية مفتشي "الوكالة الذرية" والمعلومات تصل لـ"اسرائيل" المشاقبة يوجه سؤالًا نيابيًا حول تصنيف الجامعات والأبحاث المزورة

القسم : بوابة الحقيقة
المشيخة والشيوخ
نشر بتاريخ : 7/12/2025 1:20:33 PM
د. صبري الربيحات

في البادية وبعض المجتمعات التي تحكمها الاعراف والتقاليد نظام اجتماعي اداري سياسي يحدد للجميع المراكز والادوار ويعطي لكل فرد المكانة والشهرة التي يستحق في معايير هذا النظام.

يولد الافراد ويتعلموا المهارات والمعارف والتصرفات وينخرطوا في المواقع والادوار التي يتاح لهم دخولها ويتأهلوا للقيام بها. في النظام القبلي غالبا ما تكون الادوار والمكانات موروثة مع وجود حالات يمكن للفرد ان يحدث اختراقا للادوار التقليدية لاسلافه خصوصا اذا ما كان فارسا او كريما او فطنا للحد الذي يثير انتباه واعجاب من حوله ويعترف الجميع له.

في مثل هذا النظام تنقسم الامة الى قبائل وشعوب بحيث تسكن القبائل البادية وتستقر الجماعات الأصغر حول الشعاب والانهار او الجداول والانوار الصغيرة والينابيع "القرى".

وللنظام القبلي والعشائري شيوخ ووجهاء وفرسان واطباء وقضاة ورعاة أغنام وداخل كل جماعة يوجد شاعر وموسيقار "عازف ربابة او ناي ومطهر للاولاد ومبرم للعقود الشرعية ومكفن للموتى ومجبر للكسور وقصاص للاثر".

المسؤوليات الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والادارية التي يتحملها الشيوخ تقتضي اختيارهم بعناية من بين مؤهلين لها نسبا ووراثة.

منذ ان كنت طفلا وانا مولع بسماع القصص والحكايات والأوصاف والمواقف التي يتناقلها الناس عن الشيوخ وشيمهم وتصرفاتهم لدرجة اني احببت الكثيرين منهم دون ان اقابلهم.

كثيرا ما تحدث والدي عن الشيخ ظاهر الذياب الذي كان وارف الطول جهوري الصوت يتحدث بحرية سقفها السماء ويقول ما يرى انه سليم ومناسب حتى وان اغضب السامع.

كما سمعت الكثير عن الشيخ تركي الحيدر الذي كان وبالرغم من قصر قامته فارسا مهابا يعرفه اهالي البصرة والرياض كما يعرفه اهالي جلول والجيزة فذات مرة اعتدى عليه قوم وسلبوا ماله وحلاله واقسم ان لا ينام الا بعد ان يعيدها حيث لحق بالقوم واعاد ماله المسلوب من جرف الدراويش التي تبعد اكثر من ١٥٠ كم عن جلول حيث يسكن.

كنت شغوفا بقصص تروى حول فطنة عودة ابن نجاد وحكمة حمد ابن جازي وشجاعة عفاش الجذوان وكنت اسمع الكثير عن نبل دليوان المجالي وصفاء روح عبدالله العوران وعروبية راشد الخزاعي وعدل الشيخ ابو ربيحة وكبرياء ماجد العدوان وشجاعة صايل الشهوان ومئات القصص عن الرجال الذين كانوا يتحركون في ديارهم دون خوف لان حمايتها أمانة في رقابهم.

في قرانا الجنوبية كنا نسكن البيوت المسقوفة في فصل الشتاء ونبني بيوت الشعر في معظم شهور العام الممتدة من اوائل الربيع وحتى أواخر الخريف..

في تلك الأيام كان عدد من يطلق عليهم شيوخ في مناطقنا يعدون على أصابع اليد الواحدة ولم يتجاوز عددهم في طول البلاد وعرضها المئتين شخص

كان هؤلاء الرجال الذين يحظون بالقبول والاعتراف والتقدير والإعجاب ويملكون الهيبة والوقار قادرون على عمل كل شيء يحلون الخلافات ويذللون العقبات ويقدمون المشورة ويمثلون الدولة ولهم كلمة مسموعة واوامر مطاعة. فقدموا لقبائلهم وعشائرهم الخدمة وحافظوا على التوازن والاستقرار واداموا العلاقات الطيبة مع العشائر الاخرى.

في بلادنا كان الشيوخ حكماء يملكون معرفة بالاعراف والتراث ويمتثلون للقيم والتقاليد ولهم من صفات الصدق والكرم والمرؤة والنزاهة ما يجعل الجميع يتطلعون لهم كنماذج مشرقة ومشرفة تستحق الاعجاب والاحترام والطاعة والتقدير.

لكل عشيرة شيخ ولكل فخذ وجيه ولكل خمس او ربع كبير يتكلم باسمه في كل المناسبات والوقائع والاحداث التي تواجه القبيلة يجتمع الشيخ بالممثلين ويتشاور معهم ويشعر الجميع بان لهم رأي ومكانة وتقدير فيلتزموا بما تتخذه القبيلة من أوامر ويستجيبوا لكل ما يصدر عن شيخها بالسمع والطاعة.

مع بالغ الاحترام لكل الذين يقومون بالادوار الحيوية والهامة شهدت العقود الاخيرة توسعا في قوائم من دخلوا الى هذا الميدان واصبحوا يتظاهرون بالمشيخة او يزعمون انهم قادرون على أداء الادوار. المؤسف ان الكثير من هؤلاء لا يعون ما تعنيه الشيخة تماما ولا يكترثوا لما يمكن ان يترتب على قيام من لا يعرف التراث والاعراف لادوار تقتضي مثل هذه المعرفة..

في بلدنا بلغ عدد من يقومون بادوار الشيوخ وينسقون علاقات لهم مع المؤسسات والدوائر ارقاما قياسية دون أن يكون لهؤلاء تأثير يذكر في الحد من النزاعات او إصلاح ذات البين او قيادة المجتمع نحو آفاق الانسجام والرضا والتكافل.




جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023