وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الثلاثاء – 1- 7 – 2025 العين القضاة: مادة "الميثانول" ترهق الجهاز العصبي وهي مادة خطرة جداً - فيديو ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في قطاع غزة إلى 228 بلدية الرمثا تباشر المراحل الأخيرة من شارع الأربعين بعد انتظار لعقود - فيديو انطلاق معسكر "الصحة والشباب" في بيت شباب البترا رئيس الوزراء يستقبل رئيس الهلال الأحمر الأردني البريزات يبحث تعزيز التعاون السياحي مع منظمة السياحة العالمية في مدريد جلسة لمجلس محافظة الكرك لمراجعة مشاريع المحافظة ٢٠٢٥ مجلس محافظة جرش تقرير راصد مجحف رئيس بلدية كفرنجه يصف تقرير راصد بأنه غير دقيق انطلاق فعاليات المراكز الصيفية القرآنية في جرش النائب المشاقبة : بحاجة لخطط عابرة للحكومات ورؤية واضحة لتحقيق نجاح بالتعليم تعيين سيدة “متصرف لواء” لأول مرة في تاريخ وزارة الداخلية اكتشاف خاصية خطيرة لـ"أوميغا 3"! واشنطن تعيد موظفيها ودبلوماسييها تدريجيا للعمل بالمنطقة عقب حرب الـ12 يوما

القسم : بوابة الحقيقة
جــبــــال النـــــــــار
نشر بتاريخ : 11/22/2020 2:17:26 PM
أ.د. ابراهيم صبيح

ودعت وزير الصحة الفلسطيني في مكتبه وانطلقت مع مرافقي في سيارة الوزارة إلى الشمال ابتداءً من رام الله ثم البيرة ثم إلى طريق يمتد بين التلال التي تحتل قممها مستعمرات إسرائيلية، متجهين إلى مدينة نابلس (شكيم)، المدينة الكنعانية العربية التي يعود تاريخها الى ستة قرون خلت والتي أطلق عليها اسم "نيابوليس" تحت الحكم الروماني ثم حُرف اللفظ إلى نابلس تحت الحكم الإسلامي. حسب الدعوة الموجهة لي من وزارة الصحة الفلسطينية قمت بزيارة مستشفى رفيديا لالقاء محاضرات طبية ومعاينة بعض المرضى.

 

 بعد ذلك قمنا بجولة في مدينة نابلس التي تنتشر بيوتها على سفوح جبلي "عيبال" و"جرزيم" وفي الوادي بينهما. تذكرت أنني في صباي زرت نابلس عندما كنت في الصف الأول الثانوي لاعباً في فريق كرة القدم التابع لمدرسة الزرقاء الثانوية والذي كان قد أحرز بطولة المدارس الثانوية في الضفة الشرقية، وأتذكر أننا نمنا ليلة واحدة في مدرسة كلية النجاح الثانوية. المباراة كانت لتحديد بطل المدارس الثانوية في الأردن لذلك كان يوم المباراة حافلاً خرج فيه أهل نابلس بالآلاف لتشجيع فريقهم. انتهى الشوط الأول بفوزنا بهدفين مقابل لاشيء وانتهى الشوط الثاني والمباراة بفوز كلية النجاح بثلاثة أهداف مقابل هدفين وإصابة خمسة من لاعبينا. في زيارتي تلك التي قمت بها قبل بضع سنوات وبعد زيارة بعض معالم نابلس أخذني صديقي الدكتور حميد المصري إلى وسط المدينة القديمة حيث تناولنا طعاماً شهياً وأكلنا من الكنافة النابلسية الشهيرة وأخْبَرَنا صاحب المطعم بعضاً من أسراره ومنها أن الجبنة يجب أن لا تمط عند تناول الكنافة.

 

ذهبنا من هناك في جولة على الأقدام وتعرفنا على نابلس بعراقتها وتاريخها وبيوتها وأهلها من آل المصري والنابلسي وهاشم وعبد الهادي وغيرهم من كرام العائلات. تجولنا في مدينة نابلس القديمة بأزقتها وأقبابها وأسواقها وتمتعت بمناظر الخضار والفواكه المعروضة وتنسمت روائح البخور والعطور والتوابل وتذوقت زيتوناً وعنباً وخبزاً وبقلاوةً وكلاجاً وزلابية فكنا كلما وصلنا أحد المحال خرج إلينا صاحبه ليقدم لنا كل ما لديه، َكرَماً.

 

 زرت مصانع الصابون النابلسي الفاخرالذي يصنع من زيت الزيتون النقي ودخلنا لمشاهدة الحمامات النابلسية القديمة بعد أن أخذنا الاحتياطات اللازمة لمحاذير معروفة. وضعت يدي على اللوحة الحجرية المعلقة على الحائط والتي تحمل اسم "آل طوقان" ووقفت في ذلك الزقاق متذكراً زيارة قبل سنين عديدة قامت بها إلى عيادتي في عمان الشاعرة "فدوى طوقان".

 

كنت قد حددت موعد الزيارة في السابعة مساءً لتكون فدوى آخر مريضة أعاينها. جاءت تحكي لي عن آلام عمودها الفقري ومعها حكت لي شعراً وأدباً وسيرة حياة فامتدت السهرة حتى العاشرة مساءً. كم كنت محظوظاً لأسمع من الأديبة فدوى عن تعليمها وكفاحها لإبراز مواهبها وإبداعاتها وكيف لقيت الدعم والتشجيع من شقيقها ومعلمها الشاعر الكبير إبراهيم طوقان.

 

تخيلت فدوى طوقان في فستانها البسيط وبتسريحة شعرها الأبسط وابتسامتها الهادئة، تخيلتها تجلس على شرفة منزلها في نابلس وتقول في وصف شيخ فلسطيني فقد أرضه "هوى على أرضه في انفعال يشم ثراها... يعانق أشجارها ويضم لآلئ حصاها... ومرغ كالطفل في صدرها خداً وفم... وألقى على حضنها كل ثقل سنين الألم... وهزته أنفاسها وهي ترتعش رعشة حب... وأصغى إلى قلبها وهو يهمس همسة عتب".

 

سحبت يدي من على لوحة طوقان الحجرية في ذلك الزقاق ومشيت وكلمات فدوى الشاعرة الفلسطينية العظيمة تتردد فوق جبال نابلس:"كفاني أظل بحضن بلادي... تراباً وعشباً وزهرة".

E – mail: [email protected]

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023