رئيس الوزراء: نجاح الوزارات مرهون بكفاءة الأمناء العامين تكريم 63 طالبًا من المشاركين في النادي الصيفي بمسجد خليل السالم رئيس الديوان يرعى مهرجان عشائر الزعبيّة في الشمال وفاء ودعما للملك وولي العهد مندوبا عن الملك وولي العهد... العيسوي يعزي نفاع والداؤد المعايطه يفتتح محطة مياه غور فيفا الصحية المجانية العفيف يفتتح مهرجان نهر الذهب في لواء المعراض توزيع مساعدات إنسانية في غور المزرعة بدعم من الجمعيات الخيرية سائق يفرغ صهريج نضح قرب سوق الجمعة بمادبا (فيديو) الملك يبحث مع وزير الدفاع الياباني سبل التعاون العسكري وتداعيات التصعيد في الضفة وغزة 5 احزاب وسطية في طريقها للاندماج قريباً.. من هي؟ نائبة أمريكية: "إسرائيل" تسيطر على جميع أعضاء الكونغرس تعميم هام من رئاسة النيابة العامة حول مخالفات "الغذاء والدواء" علي السنيد يكتب: مشروع التحديث السياسي الى اين؟ جرش: جلسة تعريفية بجائزة الحسين بن عبد الله الثاني للعمل التطوعي مواطن أردني عالق في ليبيا يناشد لإنقاذه بعد تهديدات بالقتل
القسم : محلي - نافذة على الاردن
نبض تيليجرام فيس بوك
نشر بتاريخ : 21/08/2025 توقيت عمان - القدس 3:07:55 PM
علي السنيد يكتب: مشروع التحديث السياسي الى اين؟
علي السنيد يكتب: مشروع التحديث السياسي الى اين؟

الحقيقة الدولية – عمان -  كتب علي السنيد

لا شك ان مشروع تحديث المنظومة السياسية الذي انطلق في الأردن برعاية ملكية في السنوات الاخيرة جاء كضرورة وطنية لمليء الفراغ، ولاعتماد العمل السياسي القائم على التعددية، والبرامجية ، ولوقف تنامي نزعات الجهوية والمناطقية في احشاء المجتمع الاردني، وذلك في ضوء تراجع دور المجتمع المدني لعقود خلت ، وما اعقب ذلك من سيادة أحوال الواسطة والمحسوبية في إدارات الدولة، والتردي في أداء المؤسسات العامة التي شهدت مرحلة التباطؤ في تقديم الخدمات العامة للمواطنين ، وذلك تبعا لنوعية بعض المسؤولين الذين جاءت بهم الاعتبارات المناطقية الضيقة، وقد انعكس كل ذلك سلبا على الشارع الاردني، واحدث توترات عميقة، وتشوهات، واضطرابات في القاعدة الاجتماعية التي نزعت نحو المشاعر السلبية، وفقدان الامل.

وكان التحديث السياسي يهدف للحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة ، وترسيخ مفاهيم ، وقيم الدولة الحديثة، وعلى رأسها المواطنة، ودولة المؤسسات والقانون، وليكون نافذة تنفتح على المستقبل لكي تمنح جيل الشباب الامل بالتغيير ، ولإعطاء المجتمع المدني القدرة والدور لصناعة اوجه جديدة في الحياة العامة.

وهذا التوجه الملكي الحداثي كان مقدرا له ان ينقل الأردن الى مرحلة الحكومات البرلمانية التي تكون اكثر تعبيرا عن الشعب الأردني، ومصالحه العليا، وتحقيق امال وتطلعات الأردنيين المشروعة.

غير ان هذا التوجه لم يكن يلاقي هوى لدى العديدين ممن لا يؤمنون بضرورات التحديث السياسي، وانتقال الأردن الى اعتماد الرابطة الوطنية في الفرز النيابي، وتكوين نواة اغلبية نيابية برامجية قابلة لتشكيل الحكومات وفق قاعدة الأغلبية والأقلية البرلمانية.

وهولاء يمثلون جانبا من الطبقة المتنفذة، والذين يتداولون المؤسسات العامة منذ عقود من خلال التعين، ودون الارتكاء على قاعدة شعبية تذكر، ويمارسون السلطة، ويتفلتون من الرقابة والمسؤولية غالبا.

وهذه الطبقة عمليا ترفض توسيع الإرادة الشعبية في عملية تشكيل الحكومات ، او حدوث التحول الديموقراطي، والذي هو مطلب شعبي في الصميم، وكان ذلك سيخرجها من دائرة النفوذ ، وتحقيق المكتسبات تدريجيا.

الا ان الرعاية الملكية التي حظيت بها اعمال اللجنة الملكية منعت من التحرك ضد هذا المشروع علنا، فعمدوا بدلا من ذلك الى وضع العراقيل امام تبلور فكرة التحديث السياسي بشكلها السليم، واثاروا المخاوف والتحذيرات من شكل الأغلبية القادمة اذا تحرر الفرز النيابي من الرابطة المناطقية، وكان هذا الطرح يحاصر عمليات النقاش العام الذي كان سيتبلور بموجبه شكل قانوني الانتخاب، والأحزاب المنتظرين فضلا عن التعديلات الدستورية المرافقة لهما.

ومع كل ذلك نجحت اللجنة التي سعت لأحداث التوافق الوطني المطلوب في نهاية المطاف بوضع أساس عام للتحديث وجزأت الانتقال للرابطة الوطنية من خلال القوائم الحزبية على ثلاث مراحل رغم ان التكليف الملكي كان ينص بوضوح على الانتقال مباشرة الى برلمان حزبي برامجي، ولم يكن ذلك ليتحقق من خلال برلمان ينتخب ثلثه فقط في المرحلة الأولى على القائمة العامة.

وكنت اشرت امام اللجنة الملكية الى ان هذه التجزئة لا تخدم الانتقال الى الحكومات البرلمانية كما يريدها الملك الا ان التوافق حكم مخرجات اللجنة ، واخبرني رئيسها بعد ذلك ان جلالة الملك اصر على ان يضمن هذا التدريج المتوافق عليه في نصوص القانون كي لا تقوم حكومة أخرى بعدم اكمال المسيرة ، والتوقف عند المرحلة الأولى منه، والذي نص على ان حصة القائمة الحزبية العامة تتراوح من 30% في المرحلة الأولى الى نصف المقاعد في المرحلة الثانية، وفي الثالثة تكون كل المقاعد عامة ليصار الى فرزها من خلال القائمة الحزبية باستثناء الكوتات.

وتشكلت باقة من الأحزاب الجديدة وفق الميول والتوجهات العامة ، وانضوى العديد من النشطاء والطامحين بالترشح على القوائم الحزبية في اطار هذه الأحزاب، وكان ذلك حق مشروع في اطار قواعد اللعبة السياسية، ولمصلحة الدولة بعدم سيادة لون واحد على سطح الحياة العامة، ولضرورات الإبقاء على التنوع قائما في الأردن، وينتظم عمله السياسي العام.

وبدأت التحضيرات لإجراء الانتخابات النيابية الأخيرة بجو مفعم من الامال العريضة في ان نحدث انتقالة سياسية لصالح مستقبل الأجيال الأردنية، ولحماية الدولة من اثار التراجع الحاد في الثقة الشعبية بمجريات العملية السياسية في السنوات الاخيرة.

وحدثت تصرفات غريبة في هذه المرحلة رافقت عملية تشكيل القوائم الحزبية أدت الى انقلاب الرأي العام ، وانهيار الثقة العامة ببعض الأحزاب المستجدة على الساحة المحلية ، ونفرت القاعدة الاجتماعية الى الحزب الأكثر حضورا في الشارع، وصب خلل هذه المرحلة في صالحه، وتضاعفت ارقامه في صناديق الاقتراع ليحصل على نصف أصوات المقترعين على القائمة الحزبية العامة تقريبا مستفيدا من الحماية الملكية لنزاهة الانتخابات الاخيرة.

فانتكست التجربة الحزبية الجديدة للأسف ناهيك عن اخفاق تيار اليسار بسبب ضعف التأييد الشعبي لتوجهاته الفكرية، وبذلك تلقى مشروع التحديث السياسي صفعة موجعة.

وبدلا من المساءلة عن طبيعة الخلل الذي جرى في هذه المرحلة ، ومحاولة تصويبه تمت عملية إعادة ترميم للاحزاب التي اخفقت في الوجدان الشعبي العام، وتكبير لكتلها البرلمانية الناشئة من خلال اقتسام فرز القوائم المحلية، وكي تتحول بها مرة أخرى الى اغلبية برلمانية ، وتمكنت من اقصاء الكتلة البرلمانية الأكبر عن كل مواقع القيادة في المكتب الدائم لمجلس النواب ، وفي اللجان، وسيطرت مجددا على واجهة التمثيل النيابي ، وادارت المشهد العام بعيدا عن توجهات الأغلبية الحقيقية.

وهذا ما ساهم مجددا في فتح انظار الكتلة البرلمانية المبعدة عن استحقاقاتها السياسية على الشارع ، واستطاعت من ان تضاعف شعبيتها على خلفية ذلك.

وتشكلت في ضوء هذه الظروف الملتبسة الحكومة الأخيرة ، وسارت على ذات الطريقة التقليدية للحكومات في الماضي، ولم تأخذ بعين الاعتبار نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة من حيث توزيع الأغلبية والأقلية البرلمانية ، والرئيس لم يكن من خلفية حزبية، ولم تنعكس في التشكيلة الحكومية الحالة الحزبية القائمة، ولم تجر مجرد مشاورات مع الكتل النيابية بهذا الغرض كما كان يتم في السابق، ولو كانت شكلية.

وانتقلنا على اثر مجمل هذه الاحداث الثقيلة على انفس الأردنيين الى محاولات المس بالتعددية، والتشكيك بالولاء والانتماء، وانطلقت الدعوات لوقف عملية الإصلاح السياسي، والتحذير من نتائجها، ولم تتم المراجعة عن اسباب الإخفاق الحقيقية، وعدم تقديم القيادات المجتمعية الى واجهة العمل الحزبي، والسياسي.

وعندما تفشى عنصر المال السياسي في المشهد الانتخابي تغير طعم الحياة السياسية ، واصدر المجتمع الأردني حكمه القاسي على ذلك، وكانت النتيجة التي ربما تمس بآمال وتطلعات المشروع الإصلاحي القائم على التعددية، والبرامجية في العمل العام.

واليوم يقف مشروع التحديث السياسي عالقا ، وعلى مفترق طرق، ولا ندري في خضم هذه التطورات غير المريحة على الصعيد الداخلي والإقليمي هل سيتم الانتقال الى المرحلة الثانية من قانون الانتخاب، وتتبعها المرحلة الثالثة ام اننا كنا نذهب الى مشروع إصلاحي بنتائج محسومة مسبقا ، ونتراجع عن مخطط التدريج، او يعاد النظر بقانون الانتخاب نفسه ، وننكفئ للخلف سياسيا كما تتمنى، وتتوق له بعض النخب للأسف.

*
عضو في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية

Thursday, August 21, 2025 - 3:07:55 PM
المزيد من اخبار القسم الاخباري

آخر الاضافات


أخبار منوعة
حوادث



>
جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2025