تحذير للمسافرين: هذا المطار هو الأكثر رعبا في العالم! غوارديولا يحبط جماهير مانشستر سيتي ويسعد عشاق صلاح! خبراء يدعون مشاركة مجتمعية واسعة في مكافحة الجريمة قبل وقوعها... فيديو بأيدي كفاءات وطنية.. سلطنة عُمان تنجح بإجراء أول عملية زراعة قلب من شخص متوفى دماغيا لمريض آخر برشلونة يتلقى ضربة موجعة قبل مواجهتيه الحاسمتين ضد إنتر وريال مدريد هيئة أمريكية توجه نداء عاجلا لترامب لدرء ضرر لا يمكن إصلاحه فاعليات تهنئ عمال الوطن بمناسبة عيد العمال الجيش الباكستاني يجرى تدريبات حربية واسعة النطاق في ظل التوترات مع الهند مصدر عسكري: مقتل 6 جنود بقصف شنه الدعم السريع في كوستي غارات جوية تستهدف محيط مدينة صعدة شمال اليمن الحكومة تنهي مشاوراتها لتقديم مقترحات لتعديل نظام تنظيم البيئة الاستثمارية الجمارك تضبط ١٣١٦٢ كروز دخان في 3 قضايا منفصلة أمين عام الاقتصاد الرقمي تتابع ميدانيًا سير عمل مراكز الخدمات الحكومية مصادر: ترامب يقيل مستشار الأمن القومي ونائبه "الأشغال" تبدأ بإنشاء طريق خدمة على مسربين من طريق المطار عند محطة المناصير

القسم : بوابة الحقيقة
محاكم البلديات: قرارات لا تُنفّذ
نشر بتاريخ : 7/16/2022 8:59:19 AM
د. حفظي حافظ اشتيه

- تصدر القوانين والأنظمة والتعليمات في الدول المدنية العصرية الراشدة لضبط الحقوق والواجبات، وتجفيف منابع الخلافات، وتخفيف النزاعات، ولتكون منائر يُهتدى بها، ونصوصا يُرجع إليها لحل الإشكالات، وتنظيم العلاقة بين الدولة ومواطنيها، أو المواطنين فيما بينهم.

وعلى ضوء هذا صدر قانون تشكيل محاكم البلديات سنة 2006، فخُصصت محكمة لكل بلدية، تعتبر - كما نص القانون - محكمة صلح من جميع الوجوه بالمعنى المبيّن في قانون تشكيل المحاكم النظامية وقانون محكمة الصلح، وتكون مختصة بالنظر في الجرائم التي تُرتكب لأحكام القوانين ذات الصلة بصلاحياتها، ويعيّن لها قاضٍ أو أكثر، ومدّعٍ عام أو أكثر، تطبّق عليهم أحكام قانون استقلال القضاء، وأيّة تشريعات تتعلق بالقضاة النظاميين، وتكون إجراءات التقاضي فيها شبيهة بمثلها في المحاكم النظامية، وتكتسب قراراتها القوة ذاتها، ويجب تنفيذها حال اكتسابها الدرجة القطعية.

- إلى هنا يبدو هذا الكلام النظري سويّا واضحا، لا لبس فيه، فالقضاء حِصن العدل، وقراراته ملاذ الأمان. لكنّ للتطبيق قولا آخر، ونتيجة مغايرة، ولو أخذنا مخالفات أحكام التنظيم مثالا على ذلك، فإننا سنجد الأمور - غالبا - تجري كما يلي:

* وُضع قانون تنظيم المدن والقرى رقم 79 سنة 1966، ومنذ ذلك الحين أُجريت عليه تعديلات عديدة، وتضمّن تفصيلات دقيقة وافرة تكون المرجع الرشيد لضبط أحكام البناء والتنظيم، وعلى هديها يقوم الموظفون مبادرين بجولات على البنايات المُنشأة، أو بناءً على شكوى المتنازعين، ليتأكدوا من سلامة ترخيصها، والتزامها بأحكام القانون، فإن لاحظوا خلاف ذلك، نبّهوا المالك على ضرورة التصويب.

* بعد هذا التنبيه، يزور الموظفون الموقع مرة ثانية ليعاينوا المستجدّ، ويتأكدوا من التصويب، فإن وجدوا المخالفة باقية كما هي، بادروا إلى إصدار إخطار تنفيذ برقم وتاريخ، مع توضيح اسم المخالف والمنطقة ونوع المخالفة بالرسم الكروكي. ويُطلب بنص صريح ما يلي:

التوقف عن البناء فوراً، وإزالة البناء المخالف، أو الاعتداء على الشوارع، وإعادة الأرض إلى الحالة التي كانت عليها قبل القيام بالإعمار المخالف. وتُحدد مدة زمنية للقيام بذلك، وإلّا سيُنفذ مضمون هذا الإخطار، وتُزال المخالفة على نفقة المخالف وفق أحكام القانون الذي يُعطي هذا الإخطار قوة تنفيذية صريحة صارمة حاسمة.

- أيضا، إلى هنا يبدو الأمر جليّا لا مجال فيه لاجتهاد أو خلاف. لكنّ للواقع شأناً آخر، فالمُخالف المارق لا يستجيب، والقوة القانونية النظرية الخارقة تتخاذل وتنكفئ على ذاتها، وتستعين بقوة أعظم منها، فتُحوّل أوراق المخالفة إلى محكمة البلدية المختصة، لينشغل القضاة والمدّعون العامّون والموظفون بالنظر في المخالفة. وتبدأ المحاكمة والجلسات، وتنهال أساليب المماطلة والاحتيال من المُخالف، ثم يصدر القرار، فيبادر المخالف إلى الاعتراض لتبدأ مرحلة أخرى من المراوغة والتسويف، ثم يصدر القرار نفسه ثانية، فيسارع المخالف إلى الاستئناف، فتنشغل محكمة الاستئناف بالنظر في قضية واضحة كالشمس في رابعة النهار، ويصدر القرار نفسه مرة ثالثة، ويُنتظر حتى يكتسب الدرجة القطعية، ثم تبدأ مخاطبات المحكمة للبلدية لتقوم بالتنفيذ، فتشرع البلدية في مخاطبة المخالف للحضور، فيتهرب ولا يلبّي، ثم يبدأ الموظفون بزيارته ومحاولة إقناعه، ويبدأ هو بالملاينة والمخادعة، ويتظاهر بتنفيذ جزء يسير من المخالفات ليحصل على تقرير بالكشف لصالحه، يُعيد بعده الاعتداء كما كان، ويصطاد أيّة ثغرة في التقارير ليرفع عقيرته ويجأر بالشكوى من ظلم الموظفين وتلاعبهم وتناقض تقاريرهم كما يزعم، ويتقدم بالشكوى إلى مجلس التنظيم الأعلى باحثا عن واسطة أو شفاعة، شاكيا من الظلم، مستفزعا مستعطفا، مستحضرا أحوال البلد الاقتصادية، وضيق ذات اليد، وانتشار الأوبئة، والحروب العالمية، والربيع العربي، وقلة الأمطار، وشيوع الفساد، والاعتداء على المال العام !!!!! متظاهرا دائما بأنه مظلوم لأنه ليس له نفوذ، وأن كثيرين خالفوا مثله وقبله تمّ غضّ النظر عنهم فلمَ لا يُعامل مثلهم ؟!!!

وهكذا تمضي سنوات وسنوات، ويصبح الخطأ أمرا واقعا، ويستنيم الجميع إلى القول : يا أخي، التنفيذ صعب، والناس مأزومة، ولا نريد افتعال المشاكل !!!

الخلاصة

في هذا الأمر، نحن لسنا بخير، ومن يقل غير ذلك فهو واهم أو جاهل أو متعامٍ.

ما فائدة كل هذه القوانين إذا لم تُنفذ ؟

وما جدوى هذه المحاكم البلدية إذا لم يكن لقرارتها قيمة وفاعلية؟

وماذا يفعل المتضرر عندما يضيع حقه جهارا نهارا وهو يلوّح بالقوانين وقرارات المحاكم، بينما المخالف يدلع لها لسانه الزفر، ويحرّك سافلته الوسطى، حتى إذا نهض صاحب الحق المهضوم لانتزاع حقه بيده عنوة، قيل له: يا أخي، لا تكن بلطجيا، البلد فيها قانون، خذ حقك بالقانون !!!!!

نحن لسنا بخير، وطن لا يُنفذ القوانين وقرارات المحاكم، ويفتح الباب لكل ما يهدم الأمن المجتمعي، لا يمكن أن يكون بخير .


جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023