تحذير للمسافرين: هذا المطار هو الأكثر رعبا في العالم! غوارديولا يحبط جماهير مانشستر سيتي ويسعد عشاق صلاح! خبراء يدعون مشاركة مجتمعية واسعة في مكافحة الجريمة قبل وقوعها... فيديو بأيدي كفاءات وطنية.. سلطنة عُمان تنجح بإجراء أول عملية زراعة قلب من شخص متوفى دماغيا لمريض آخر برشلونة يتلقى ضربة موجعة قبل مواجهتيه الحاسمتين ضد إنتر وريال مدريد هيئة أمريكية توجه نداء عاجلا لترامب لدرء ضرر لا يمكن إصلاحه فاعليات تهنئ عمال الوطن بمناسبة عيد العمال الجيش الباكستاني يجرى تدريبات حربية واسعة النطاق في ظل التوترات مع الهند مصدر عسكري: مقتل 6 جنود بقصف شنه الدعم السريع في كوستي غارات جوية تستهدف محيط مدينة صعدة شمال اليمن الحكومة تنهي مشاوراتها لتقديم مقترحات لتعديل نظام تنظيم البيئة الاستثمارية الجمارك تضبط ١٣١٦٢ كروز دخان في 3 قضايا منفصلة أمين عام الاقتصاد الرقمي تتابع ميدانيًا سير عمل مراكز الخدمات الحكومية مصادر: ترامب يقيل مستشار الأمن القومي ونائبه "الأشغال" تبدأ بإنشاء طريق خدمة على مسربين من طريق المطار عند محطة المناصير

القسم : بوابة الحقيقة
سرقوا فدفعنا، وندفع فيسرقون
نشر بتاريخ : 2/26/2022 8:43:15 AM
د. حفظي حافظ اشتيه


بقلم: د. حفظي اشتية

 

الخبر.. ورد في بعض المواقع الإخبارية أنَّ موظفاً في إحدى البلديات كان يختلس من المال العام على فترات مبالغ صغيرة، يتدانى بعضها إلى دينارين ونصف فقط، فيتراكم المبلغ ويتعاظم حتى بلغ 224 ديناراً !!!

 

تنشغل المحاكم بالقضية، ويطوف الملف على الجنايات والاستئناف والتمييز ليصدر الحكم النهائي بداية وفق المادة 1/174، ثمّ أخيراً وفق المادة 177 من قانون العقوبات، بسجن الموظف خمس سنوات، يتم تخفيضها إلى سنتين ونصف، لضآلة المبلغ، ولأنّ الموظف أعاده كاملاً إلى الخزينة قبل أن تحال "أوراقه" إلى المحكمة!!!

المبتدأ

لا شكّ أن هذا الحكم عادل وفق نصوص القوانين، وأنّ هذه الحكاية تجعلنا نهيم في لذيذ الأحلام بأنّ مجتمعنا تدبّ فيه روح العدل، وتندر حالات الاعتداء على المال العام، وأنّ المعتدي الأثيم يلقى – لا محالة- جزاءه العادل، ليكون عبرة لغيره، ومثالاً ناصعاً للجديّة والحزم في تطهير المجتمع من العبث والسطو الحرام.

لكننا سرعان ما نستفيق على خبر آخر في المواقع الإخبارية ذاتها، فحواه أنّ اللجنة المالية النيابية قد اجتمعت لمناقشة تقارير ديوان المحاسبة للأعوام 2018-2020، حول المخالفات المالية وغيرها في بعض الجامعات. وأوصت بتحويل بعض المخالفات إلى القضاء، وبعضها الآخر إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.

وإذا انضاف إلى ذلك ما يتردّد من أخبار – إنْ صحّت- بأنّ المخالفات في إحدى الجامعات تطال مبالغ بمئات آلاف الدنانير، بل تدخل حيّز الملايين، فإننا نجد أنفسنا معلقين على حبل الرجاء بأنّ سيف العدالة المسلط على رقبة موظف اختلس مائتي دينار، يجب أن يكون أكثر عدلاً وحزماً وسطوةً وبطشاً على رقاب هؤلاء المخالفين المختلسين، لأنّ المبدأ واحد، لكنّ الظروف مختلفة؛ فالموظف الصغير المختلس قد تكون دفعتْه إلى ذلك حاجته إلى شراء خبز لأطفاله في أعوام رمادة طالت وتتالت، وغاب عنها عدل عمر بن الخطاب، وحنكته ورحمته، بينما يختلس هؤلاء" الكبار" لشراء العقارات، والاستثمار في المطاعم و"المولات"، والتمتع بالرحلات والمشروبات والولائم.

موظف البلدية اختلس من أموال الدولة، بينما اختلس هؤلاء من رسوم الطلاب، ومن قوت أهاليهم المساكين، أو من حقوق ورواتب ومكافآت بعض المدرسين والإداريين المخلصين.

إنهم يختلسون وأفراد المجتمع النظيفون يدفعون، يختلسون ويتناسون أنهم في بيئة التربية والتعليم، مهنة الأنبياء والمرسلين، فأيّ حال أوصلونا إليها؟! وأيّة نماذج يمثلونها لنقتدي بها ونبني عليها؟!

-الحكم العادل جميل، لكنّ الأجمل هو الحزم في تطبيقه، والسرعة في تنفيذه، والأمانة في تعميمه وتعميقه.

ما زال صوت رسولنا الكريم يجلجل عبر العصور ليسمع مَن يعي ويرعوي :

"وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".

وما زالت غضبته العارمة- عليه الصلاة والسلام- تتجلّى في صفحات الزمن وهو يثور على العدل الانتقائي المطبّق على الضعيف، المراوغ الممالئ للّص الظريف " الشريف".

-ننتظر بفارغ الرجاء والصبر أنْ يكون العدل نافذاً شاملاً مدوّياً، فإنْ حُكم وَفق مواد القانون على موظف مسكين اختلس مائتي دينار بالسجن خمس سنوات، فإنّ العدل وَفق المواد ذاتها يقتضي أنّ تُسترد ملايين الجامعة المنهوبة، وتُفرض على المختلسين غرامات تماثلها، ويُحكم عليهم بالسجن عشرات السنين، ويُطردوا إلى غير رجعة من الوظيفة الشريفة والمهنة المقدسة.

-وهمسة حرّى أخيرة لدواوين التدقيق والمراقبة أَنْ طاب جهدكم، لكننا نأمل المزيد منكم، والمثابرة في المتابعة والمحاصرة، فالمال العام يجب أنْ يبقى مسيّجاً بصحوتكم، مصوناً برعايتكم وتحت أنظاركم، وإلّا فإنّ المشهد سيتكرّر ويتعدّد ويتمدّد، وسنظل نقف على أطلال التحسّر نتنهد وننشد ونردّد :

"نامت نواطير مصر عن ثعالبها          فقد بَشِمْنَ، وما تفنى العناقيدُ"

 

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023