القسم : بوابة الحقيقة
التعصب للرأي طبياً ونفسياً
نشر بتاريخ : 9/1/2018 9:23:01 PM
د. فايز أبو حميدان

انه لشعورٌ جميل عندما تثبت لنا الاحداث والأيام والتجارب صحة آرائنا وقراراتنا وحسن تقيمنا للأمور فلذة النجاح ومتعة الانتصار تُشعرنا براحة كبيرة ورضا داخلي يعزز ثقتنا بأنفسنا وهذا الشعور يحتاجه كل انسان، فاختلاف تقييم الناس للأمور امر طبيعي وصحي حيث اننا نُخفق احياناً في بعض المواقف ونكون على صواب في بعضها، ولربما نسمع عبارات تتردد بشكل يومي مثل " لقد حذرناك سابقاً من حدوث هذا أو ذاك"،" قمنا بنصيحتك بهذا وذاك " أو " قلنا هذا من قبل" فهذا العبارات ما هي الا تعبير عن شعور نفسي داخلي لصحة الرأي الذي اتخذناه سابقاً، ولكن علماء النفس وجدوا أمور كثيرة يُتخذ قرار بها ويتم بعد ذلك تغيير الرأي لأسباب متعددة وفي الحالتين يشعر الانسان بأنه كان محقاً في رأيه حتى أنه أحياناً لا يلاحظ بأنه قد قام بتغير رأيه في الامر دون شعور. فإحدى الدراسات التي أجريت في أمريكيا والتي قامت بمراجعه آراء مدونة خطياً او مسجلة بالآراء الجديدة لبعض الأشخاص، أظهرت دهشة واستغراب هؤلاء الأشخاص لقيامهم بتغيير آرائهم دون قصد ودون معرفة وهذا التغيير كان نتيجةً لتطورات نفسية عندهم وتغير الأحوال والظروف المحيطة بهم.

كما وقد أظهرت دراسة أخرى رأي بعض الأزواج في أمور متعددة لحياتهم اليومية ولمدة طويلة تجاوزت الخمس سنوات ولوحظ خلالها ان الوضع النفسي في اللحظة الآنية هو العامل الحاسم في اتخاذ القرارات، حيث ان فئة السعداء كانت آرائهم تختلف عن الغير سعداء، والمرحين لهم آراء تختلف عن المتشائمين، وان الفرح والكآبة تؤثر على الرأي لدى الشخص نفسه.
لذا فان التعصب بالرأي لبعض الأمور لا يعني ابداً تمسُّك الانسان بوجهة نظره الحالية وذلك لإمكانية تغيير الرأي لاحقاً، ولكن هذا الامر لا ينطبق على المبادئ والقناعات الأساسية الراسخة وخاصة لدى الاشخاص الذين يتمتعون بالصدق والإخلاص.

ان التعصب للرأي قد يصل عند البعض الى ظاهرة نفسية تُعقد حياة الشخص ومن حوله ويجعل نفور الناس منه كبيراً ويشكك في مصداقيته كونه لا يملك القدرة على فهم الاخرين ويتعامل معهم بشكل فوقي ومتعالي وتعليمي ويجعل موقفه ضعيفاً في حال عدم ثبوت صحة اعتقاداته، لذا علينا تفهم مواقف الاخرين واحترام رأيهم حتى لو كان معاكساً لآرائنا ومحاولة فهم الظروف المحيطة بالأخر لاستيعاب أسباب اتخاذنا لقرارات لا تعجبنا او ربما خاطئة.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023