القسم :
محلي - نافذة على الاردن
نشر بتاريخ :
08/08/2025
توقيت عمان - القدس
5:18:01 PM
عندما زار السرطان بيتنا.. مرثية للزميل محمد العرسان في رحيل والدته
الحقيقة
الدولية – كتب الزميل محمد العرسان مرثية مؤثرة في رحيل والدته بعنوان عندما زار
السرطان بيتنا: مرثية في رحيل أمي قال فيها:
لم
أتخيل يومًا أن هذا المرض الخبيث سيزور بيتنا لم يخطر ببالي أن اسم
"السرطان" سيُقال بصوت خافت في غرفة من غرف بيتنا، وأنه سيُذكر مقرونًا
باسم أمي… فاطمة رحمها الله.
كانت
كل التفاصيل تسير بوتيرتها المعتادة، حتى ذلك الخبر المباغت: "ورم في
القولون، يبدو أنه منتشر".
ومن
هنا بدأ العدّ التنازلي. لم يمهلنا المرض أكثر من عشرة أيام ، كان الأمر أشبه
بزلزال، لا يترك لك وقتًا لتفهم ما جرى، لا يسمح لك بالاحتجاج، أو حتى بالبكاء كما
يجب.
في لحظات قصيرة، تغيّرت
ملامح الحياة. غرف المستشفى، نظرات الأطباء، صوت الأجهزة، محاولات قراءة الوجوه،
التعلّق بأيّ كلمة، بأيّ احتمال… كل ذلك ينهشك من الداخل، ويتركك معلقًا بين
الرجاء واليأس.
وفاة أمي بهذا المرض
الخبيث دفعني لقراءة كتاب الدكتور عاصم منصور مدير عام مركز الحسين للسرطان، الذي
كتبه من وحي تجربة شخصية مع جده رحمه
الله، ومن وحي خبرته المهنية كتاب
"السرطان من مسافة صفر: عندما تخون الخلايا"، عبر تطبيق ابجد، وجدت نفسي
بين السطور.
هذا تمامًا ما عشناه.
الذهول، الارتباك، الصمت، ثم الاندفاع المحموم نحو كل ما يمكن أن ينقذ… ثم
الانكسار. هو لا يصف المرض فحسب، بل يرسم بدقة تلك الحالة التي يعيشها أهل المريض،
في حربهم الصامتة.
في
الأردن، لم يعد السرطان حالة نادرة أو بعيدة. أصبحت الإحصاءات تحاصرنا، وتكاد كل
عائلة تعرف مريضًا أو فقدت أحد أفرادها بهذا المرض الخبيث.
الأسوأ
أن جزءًا من هذا الوجع يمكن تفاديه. فمعدلات التدخين في بلدنا من الأعلى عالميًا،
حتى بين فئة الشباب واليافعين، رغم أن أحد أسبابه وراثية فنحن نعيش في بيئة مشبعة
بالدخان، وكأننا نغذي بأيدينا بذور المرض الذي قد يخطف من نحبّهم.
لم
أكن أظن أن السرطان سيأخذ أمي بهذه السرعة. كانت طيبتها أكبر من أن تُهزم،كانت
أقوى من أن تُغلب. لكن المرض لم يكن منصفًا،وكان وداعها أقسى مما تخيلنا.
أمي
كانت الأصل، الجذر، الدعاء الذي يسبق النوم، والوجه الذي تهدأ له القلوب. غيابها
ليس فراغًا… بل زلزال لا تهدأ توابعه.
إلى
كل من يواجه هذا المرض،إلى من يعيش الخوف على من يحب، قلوبنا معكم،ودعاؤنا أن لا
تمروا بما مررنا به،وأن تبقوا تحت دفء العافية،وتحت رحمة الله الواسعة.
رحمكِ الله يا أمي، وغفر
لكِ، وجعل مثواكِ في جناته، واسع الرحمة.