إننا لا نبحث الآن عن سياسية حكومتنا الماضية والحاضرة، ولا عن كونها
لها دخل في بعض السياسات الدولية، ولا نسأل هل رجال الحكومة منتبهين وماذا أعدوا؟
إنّا نبتعد الآن عن كل شيء من هذا القبيل ونترك الحكومة في حالها وبالها وتفكراتها
وتدابيرها كيفما كانت آمال تلك التدابير والتفكرات، نترك كل ذلك ونلتفت إلى الأمة
وجماعاتها لنرى ماذا أعدت لغد؟
تُرى من لنا أن نناشد من
الشعب ، وأين الروابط ، وأين الروابط القوية لجماعاتها ، وماذا يغني القليل النادر
من أفرادها المؤثرين على أنفسهم؟ وليت سؤالي لماذا يشكو بعضنا اتفاقية اعلان
النوايا مع إسرائيل؟ لماذا يشكون إسرائيل ؟ ما هي البدعة التي ابتدعتها في البشرية
؟ أهي ابتدعت الحروب واخترعت المطامع؟ أم هي من ابتكرت حب العلو والتميز، وأوجدت
الأنانيات وأحدثت الاثارة؟ هل تراها اكتشفت طبيعة القوة؟ أم أنها ابتدأت تاريخ
التهجم وافتتحت أبواب التعصب مخلفةً عادة التغلب؟ أهي سنت سنة التحكم و أنشأت
قواطع الترحم واطلعت قواطع الانصاف؟ أم هل أنها هي من أخرجت مناهج الاحتيال وأظهرت
باكورة الاغتيال ؟
كلا وكلا؛ بل كان ذلك من
أوضاع البشر وسننهم من قبل وكل ذلك كان حقاً علينا أن نعرفه ونعدَّ العدة له ونحسب
له أنواعاً من الحساب. قد يظن بعض الناس أنه لو لم تتم اتفاقية إعلان النوايا لكانت
حالنا أحسن وكنا نصلح أنفسنا بأنفسنا ، أما من يتحقق ويدقق فهو يعلم جيداً أن
إسرائيل كما ضرتنا كثيراً قد نفعتنا كثيراً أيضا، ويعلم جيداً أنه بعيد عن التصور
أن نصلح أنفسنا بأنفسنا ، كيف والتجارب بهذا الباب كثيرة . إن الناس اليوم يقولون
ما لا يعلمون منتظرين أنباء عن شؤون جديدة فيما حولهم، لانهم يرون ويسمعون ما لا
يراه ويسمعه الغائب وحسبهم انهم لا يعملون أكثر من عداهم مِمنْ هم مستلمو الامر
هنا وما نظر الناس وقولهم وما يشيع من الشوائع في شأنهم وما يحدث وتتحدث به
المحافل من العواقب المنتظرة لأعمالهم وتدابيرهم.
سيسمع الناس اليوم كثيراً من الكلام المُغرض وستحوم هنالك الظنون حول اتفاقية
إعلان النوايا وما هي إلا من تلك الحوادث العظيمة التي نحن أمامها ، نحن إذا كنا
لا نزال نقول إن الاتفاق مُحال فإن ذلك لا يغير في الحقيقة ، وهو أنه لا محُال في
الدنيا إلا اجتماع الضدين و ارتفاعهما وليس إتفاقتنا من هذا القبيل ولا قريباً منه
ولا قريب القريب، كلا ؛بل هو ممكن مُتيسر في غاية السهولة ؛فإننا كل يوم وكل لحظة
نرى متنازعين يتراضيان ومتراضين يتنازعان .وظهر اليوم كل شيء ظهوراً تاماً والمرؤة
الان إنما هي بارتياد المخالص وليست بالعبارات الحماسية التي تزيد الغرور وتُضاعف
الشرور ، مُجمعين على استعظام الواقع والكل يوافقني الرأي بإننا جديرين أمام هذه
السياسات العجيبة الغائلة وإننا لا نجد لنا حقاً في تخطئة الحكومة لأننا نعرف أنها
عمدت إلى هذا عن اضطرار ، بل نحن نراها ستضطر إلى ما هو أعظم من هذا بل عندنا أن
الحكومة لن تتخلص من مثل هذه الضرورات ما دامت أبواب احتياجات شعبها لذلك وما نخال
هذه الابواب تغلق ولكن عليها أن تفكر في إزالة تلك الضرورة وليس بصعب على حكومتنا
الاردنية وأن اعلان النوايا عندنا جدير بالاعتبار بل هنالك نقطة أهم من هذه وهو
اننا محتاجون إلى استفادة شعبنا العريق من ذلك ولـتَقُل تلك الفئة القليلة ما تشأ ونحن جميعاً نصَوّب
الحكومة كل التصويب في تلك الاتفاقيات ولعل غداً خير من اليوم .
حمى الله الاردن ملكاً هاشمياً عظيماً وشعباً أردنياً عريقاً.