تسمم غذائي يطال 23 طالباً في إربد بعد تناولهم الفلافل من مطعم هل استخدمت الحكومة "حيلة" لرفع فواتير المياه؟ فيديو لا فواتير "هواء".. والمياه توضح لـ "الحقيقة الدولية": تصريحات الوزير فهمت بشكل خاطئ ترامب يصل المملكة المتحدة في زيارة دولة ثانية تاريخية الحسين يحقق فوزا ثمينا على سباهان الإيراني في مستهل مشواره الآسيوي أمير قطر يحلُّ ضيفا على الأردن اليوم أجواء معتدلة في أغلب المناطق حتى السبت- فيديو اربد : تسمم 5 طلاب إثر تناولهم وجبات من مطعم وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الاربعاء17 -9 -2025 بسبب خلاف على اصطفاف سيارة - وفاة بمشاجرة في منطقة طبربور إعلان الدفعة الرابعة من مرشحي بعثات الدبلوم العالي للمعلمين - رابط الحسين إربد يستهل مشواره الآسيوي بفوز على سباهان الكرك .. جمعية سيدات مدين الخيرية تنظم معرض للملابس المجانية أرسنال يعبر أتلتيك بلباو في مستهل مشواره بدوري أبطال أوروبا الحوثيون: استهدفنا هدفا "اسرائيليا" حساسا في يافا
القسم : بوابة الحقيقة
مأساة شرارة
نشر بتاريخ : 6/3/2019 6:19:21 PM
أ.د. محمد الدعمي

ثمة قصة هزت كياني وآلمتني كثيرا، أود تعريف القرّاء الأعزاء بها. بدأت يوم سمعت بوفاة زميلتي الأستاذة الدكتورة “حياة شرارة” سنة 1997. وإذا لم تكن مأساة شرارة بمفاجئة على المتابعين والعاملين بكليتنا آنذاك (كلية اللغات بجامعة بغداد)، إلا أنها أطلقت تيارا من الاستذكارات والارتجاعات في دخيلتي: إذ طالما ألقيت على الأستاذة حياة الشرارة التحية مشفوعة بوصف “حمامة السلام”، كلما صادفتها في إحدى باحات أو ممرات الكلية، فما كان منها إلا أن تبتسم بفتور بطريقة توافق الوصف وهي تسعى إلى حيث تريد بقوامها النحيف. إلا أني كنت على ثقة بما كان يعتمل في دواخلها من آلام مبرحة وتفاعلات ساخنة عكست بمجموعها ما قاسته هذه الذهنية الفطنة من تضييق وتجاوزات مذ اضطرت إلى الخروج من النجف الأشرف مع عائلتها للاستقرار في بغداد. وكذلك منذ ما قاساه والدها المتفتح من مضايقات البوليس السري حتى ذهبت إلى موسكو لدراسة الدكتوراه ثم كتابة أطروحتها الموسومة “تولستوي إنسانا”، وبعد ذلك انتظامها بالعمل في القسم العربي لوكالة “تاس” السوفييتية، وهو العمل الذي زاد من طول بقائها تحت المجهر الحكومي فيما بعد، خشية الدعاية السياسية اليسارية المضادة للسلطات آنذاك.

هي كانت تدرك بأنها ليست هدف تلصص الجواسيس الحكوميين المحترفين أينما ذهبت، بل كانت تعرف جيدا أن الصفوف الدراسية التي كانت تلقي بها محاضراتها في الأدب واللغة الروسية إنما كانت ملغومة بالطلاب (الوكلاء) أي من وكلاء الدوائر الأمنية التي تطالب هؤلاء الطلاب بالتقارير المتواترة عن كل أستاذ جامعي، خصوصا إذا كان الأستاذ المعني ذا سمعة “معارضة”، أي من نوع المغفور لها شرارة. وإذا كانت جذور أسرة شرارة تضرب بعيدا عن بغداد في لبنان، فإنها أبت أن تترك العراق برغم تعرضها للمضايقات أعلاه حد التيئيس وحد إلقاء زوجها في غياهب السجون على ثمانينيات القرن الماضي، تاركا عليها أعباء ابنيتها الكبرى والصغرى، الأمر الذي قادها إلى حال من السوداوية والشعور بالاضطهاد واليأس.

ومع ذلك أبت هذه المرأة الذكية أن تغادر الحياة دون رواية بعنوان (إذا الحياة أغسقت)، عاكسة ما قاسته من ظلم وجور حد اضطرارها للانتحار جماعيا مع ابنتيها في عملية مخططة، لا تقبل الخطأ أو السهو: إذ جلست هي أولا إلى مائدة الإفطار في المطبخ ثم تلتها ابنتاها المسكينتان (عن قناعة) بعد غلق كافة منافذ المطبخ، ثم لتفتح أنبوب الغاز في انتظار حضور المنية. توفيت شرارة مع ابنتها الكبرى، إلا أن ابنتها الصغرى كانت قد نجت مصادفة وهي تنازع الموت في ذات المكان، ربما لتحكي حكاية مآسي المناضلين من أجل الحرية في عالم ظالم!

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2025