القسم :
محلي - نافذة على الاردن
نشر بتاريخ :
10/08/2025
توقيت عمان - القدس
6:00:00 PM
الحقيقة الدولية – د. عامر بني عامر
عام سياسي ثقيل على البرلمان؛
حكومة نصف وزرائها جدد، نواب أكثر جرأة، وشارع يرفع سقف التوقعات، في مثل هذه
الأجواء، رئاسة المجلس ليست مهمة بروتوكولية، بل موقع قيادي يفرض على شاغله الجمع
بين الانضباط الإجرائي والبراعة السياسية.
رئيس المجلس
القادم يجب أن يرسخ الكفاءة والحياد في إدارة الجلسات، والشفافية أمام الرأي
العام، وبناء علاقة مؤسسية فاعلة مع اللجان، وضبط الحضور تحت القبة، وضمان عدم
فقدان النصاب الذي يعطل التشريع والرقابة. عليه أن يمنع تغوّل الحكومة على المجلس،
ويحافظ على مساحة استقلاله، وفي الوقت نفسه يعمل على استعادة ثقة المواطن بالمؤسسة
البرلمانية كبيت للأمة لا كمسرح للمناكفات. هذه ليست ترفًا سياسيًا، بل من
الممارسات الفضلى التي تميز البرلمانات الفاعلة حول العالم.
من يطمح لرئاسة
المجلس في العام المقبل، عليه أن يدرك أن القصة لا تبدأ ولا تنتهي في يوم
الانتخابات الداخلية للمجلس. جمع الأصوات للفوز بالموقع خطوة أولى، لكن النجاح
الحقيقي يبدأ بعد ذلك؛ في القدرة على إدارة التوازنات، وفرض الانضباط، وحماية هيبة
المؤسسة، وسط ظروف سياسية واقتصادية غير عادية.
إدارة العلاقة
مع الحكومة ستكون واحدة من أصعب الاختبارات. وزراء جدد يختبرون مقاعدهم للمرة
الأولى، ونواب بخبرة أكبر وضغط شعبي أعلى، يسعون لإثبات حضورهم برفع سقف المطالب
وممارسة رقابة أشد. هذه المعادلة قد تضع السلطتين على مسار احتكاك، ما لم يمتلك
الرئيس القدرة على ضبط الإيقاع وحماية المسار التشريعي من التوترات.
إلى جانب ذلك،
هناك ملفات سياسية داخلية قابلة لتغيير موازين القوى البرلمانية. طريقة إدارة هذه
المرحلة قد تحدد شكل التحالفات الجديدة، ومسار التشريعات، وحتى آليات عمل اللجان.
نحن أمام فرصة لإعادة توزيع الأدوار داخل المجلس بطريقة أكثر توازنًا، أو الانزلاق
نحو اصطفافات تعطل الأداء.
وفي قلب هذه
التحديات، تبرز مسؤولية تطوير المؤسسة البرلمانية لتواكب متطلبات التحديث السياسي.
البرلمان القوي لا يقوم على الأفراد وحدهم، بل على تقاليد راسخة، وأدوات رقابية
وتشريعية فعالة، وعمل كتلوي منظم يتجاوز التحالفات الموسمية، ويستند إلى برامج
ومواقف واضحة.
العام الثاني
لهذا المجلس ليس وقتًا لإدارة الأعمال الروتينية. هو عام بناء التوازنات وتثبيت
قواعد اللعبة البرلمانية قبل أن تستقر التحولات الحزبية على شكلها النهائي. رئيس
المجلس أمام خيارين لا ثالث لهما: أن يكون مهندس المرحلة، أو مجرد شاهد على
اضطرابها