طوّر فريق من الباحثين جهازًا مبتكرًا وقابلاً للارتداء يتيح مراقبة مستمرة لوظائف القلب والرئتين لدى المرضى الراقدين في المستشفيات، ليقدم بذلك بديلاً واعدًا للتصوير المقطعي المحوسب التقليدي الذي يعتمد على صور متقطعة.

ويتم تثبيت هذا الجهاز الجديد، الذي يأخذ شكل حزام مريح، حول صدر المريض، حيث يستخدم تقنية الموجات فوق الصوتية المتطورة لإنتاج صور ديناميكية عالية الدقة للأعضاء الداخلية في منطقة الصدر. ويوفر هذا الابتكار للأطباء رؤية مستمرة وحية لوظائف القلب والرئتين والأعضاء الأخرى، بدلاً من الاعتماد على صور ثابتة ومنفصلة يتم التقاطها في أوقات متباعدة.

ويعتمد الجهاز، الذي تم تطويره في جامعة باث بالتعاون مع شركة التكنولوجيا البولندية "نيتريكس" وتم شرح تفاصيله في مجلة IEEE Transactions on Instrumentation and Measurement، على مصفوفة من المستشعرات الناعمة التي توضع مباشرة على جلد المريض. وتستخدم هذه المستشعرات تقنية التصوير المقطعي بالموجات فوق الصوتية لإنشاء صور فورية وتتبع التغيرات الدقيقة في وظائف وبنية الأعضاء على مدى ساعات أو حتى أيام متواصلة.

ويفتح هذا الابتكار آفاقًا جديدة في مجال المراقبة السريرية غير الجراحية للمرضى الذين يعانون من حالات صحية حرجة مثل قصور القلب والالتهاب الرئوي أو ضائقة التنفس، حيث يقلل بشكل كبير من الحاجة إلى نقل المرضى بشكل متكرر إلى قسم الأشعة، وبالتالي يحد من تعرضهم للإشعاع الضار.

وقال البروفيسور مانوخ سليماني، المعد الرئيسي للدراسة من جامعة باث: "إن جودة التصوير التي يوفرها هذا الجهاز تضاهي دقة صور الأشعة السينية والتصوير المقطعي، ولكنه يتميز بقدرته على توفير صور متواصلة تعكس أداء الأعضاء الحيوية بمرور الوقت. وهذا يعزز بشكل كبير دقة التشخيص ومتابعة الحالات الصحية المتغيرة لدى المرضى".

وقد أثبتت التجارب الأولية التي أجريت على الجهاز موثوقيته العالية، حيث يعتمد على تقنيات متقدمة لإعادة بناء الصور وخوارزميات التعلم العميق للحصول على نتائج فورية ودقيقة. كما يتميز الجهاز بإمكانية نقل البيانات لاسلكيًا لدمجها بسهولة مع أنظمة مراقبة المرضى الموجودة في المستشفيات.

ويتوقع الباحثون أن تساعد النسخ المستقبلية من هذا الجهاز الثوري، والتي سيتم دعمها بتقنيات الذكاء الاصطناعي، في الكشف المبكر عن العلامات التحذيرية التي قد لا تكون مرئية بالعين المجردة، مما يتيح التدخل الطبي المبكر وتحسين نتائج العلاج.

ويمتد التأثير المحتمل لهذا الابتكار إلى مجال الرعاية الصحية المنزلية، خاصة لكبار السن والمرضى الذين يعانون من أمراض القلب والرئة المزمنة، حيث يتيح المراقبة عن بُعد وتقليل الحاجة إلى دخول المستشفى.

ويعمل فريق البحث حاليًا على إجراء تجارب سريرية واسعة النطاق بالتعاون مع المستشفيات الشريكة لتحسين أداء التقنية والحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة، مع وجود خطط لتوسيع نطاق الدراسة لتشمل النساء والمرضى المصابين بأمراض صدرية متعددة.

ويجري الباحثون أيضًا تطويرات مستقبلية تهدف إلى زيادة دقة الصور وتوسيع نطاق تطبيقات الجهاز ليشمل مراقبة التصوير الدماغي بجانب سرير المريض أو أثناء النقل الإسعافي، وهو ما قد يساهم بشكل كبير في إنقاذ حياة مرضى السكتة الدماغية وتحسين نتائج علاجهم.

الحقيقة الدولية - وكالات