أطلق تقرير متخصص صادر عن منظمة "تقارير المستهلك" الأميركية تحذيراً صحياً هاماً يفيد بأن العديد من الأطعمة التي يقبل الناس على تناولها لاعتقادهم بأنها صحية ومفيدة، هي في الواقع محملة بالسموم التي ترتبط بالعديد من الأمراض الخطيرة، بما في ذلك مرض السرطان.

وخلص تحقيق شامل أجرته المنظمة، وشمل فحص 27 منتجًا غذائيًا متداولًا في الأسواق الأميركية والعالمية، إلى أن العديد من هذه المنتجات يحتوي على مستويات مقلقة من مواد سامة تشكل تهديدًا حقيقيًا لصحة الإنسان.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فقد كشف التحقيق أن عشرات المنتجات التي تحمل علامة "خالية من الغلوتين" تبين أنها تحتوي على تركيزات عالية من المعادن الثقيلة السامة، والتي تربطها الدراسات بزيادة خطر الإصابة بمرض السرطان واضطراب طيف التوحد.

وقد شهد سوق الأطعمة الخالية من الغلوتين نموًا هائلاً خلال العقد الماضي، وذلك في ظل الاتجاه المتزايد نحو تبني أنماط "الأكل الصحي"، وتأييد العديد من الشخصيات المشهورة لهذه الأطعمة، بالإضافة إلى الاعتقاد السائد بأن المنتجات التي تحمل هذا التصنيف هي "أكثر صحة" بشكل عام.

ووفقًا للتحقيق، فإن من بين الأطعمة التي يسود الاعتقاد بأنها صحية بينما قد لا تكون كذلك، وتحظى بشعبية واسعة، نبتة تُعرف باسم "الكسافا". والكسافا هي نبات جذري كبير يحظى بشعبية خاصة بين الأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية محددة، وذلك لكونه خاليًا من الغلوتين ومتعدد الاستخدامات؛ إذ يمكن طحنه وتحويله إلى دقيق يُستخدم في صناعة أنواع خالية من الغلوتين من الوجبات الخفيفة مثل رقائق البطاطس والبسكويت والمقرمشات.

وقامت منظمة "تقارير المستهلك" باختبار 27 نوعًا مختلفًا من رقائق البطاطس والبسكويت والمقرمشات المصنوعة من "الكسافا"، ووجدت أن بعض هذه المنتجات يحتوي على كميات من الرصاص تفوق أي مستويات تم رصدها على الإطلاق خلال أكثر من عقد من اختبارات المنتجات التي أجرتها المنظمة.

وبشكل عام، تبين أن ثلثي المنتجات التي تم اختبارها تحتوي على كميات من الرصاص في الحصة الواحدة تتجاوز الحد الأقصى الموصى به من قِبل المنظمة، حيث وصلت الزيادة في بعض الحالات إلى 2000% فوق المستويات الآمنة.

ويشير الخبراء إلى أن نبات الكسافا لديه القدرة على امتصاص الرصاص من التربة التي ينمو فيها، حيث يمكن أن يكون هذا المعدن السام موجودًا بشكل طبيعي أو متبقيًا في التربة نتيجة لتراكمات مياه الصرف الصحي الملوثة أو استخدام الأسمدة التي تحتوي على الرصاص.

ويُعد الرصاص من المعادن الثقيلة الخطيرة لأنه يمكن أن يُلحق أضرارًا بخلايا الدماغ الحساسة. وقد ربطت العديد من الدراسات التعرض لمستويات عالية من الرصاص بزيادة خطر الإصابة بصعوبات في التعلم ومشاكل في التواصل، بل إن بعض الأبحاث أشارت إلى أن التعرض للرصاص في مراحل الطفولة المبكرة أو حتى خلال فترة الحمل قد يزيد من خطر إصابة الأطفال باضطراب طيف التوحد.

وصرح جيمس روجرز، مدير أبحاث سلامة الأغذية في منظمة "تقارير المستهلك": "لقد احتوت بعض منتجات الكسافا التي قمنا باختبارها على أعلى مستويات من الرصاص التي اختبرناها على الإطلاق في تاريخ المنظمة."

وأضاف: "لا نريد أبدًا أن يصاب المستهلكون بالذعر والقلق المفرط، ولكننا نرى أنه من واجبنا تزويدهم بالمعلومات اللازمة ليكونوا على دراية بالمخاطر المحتملة، حتى يتمكنوا من اتخاذ التدابير المناسبة لتقليل استهلاكهم للرصاص قدر الإمكان، لأن التعرض المزمن للرصاص على المدى الطويل يمكن أن يؤدي إلى نتائج صحية سلبية وخيمة."

والرصاص هو معدن ثقيل سام يمتصه الجسم عن طريق الدم من الأطعمة والمياه الملوثة، ثم ينتقل عبر مجرى الدم إلى الدماغ، حيث يمكن أن يُلحق أضرارًا دائمة بالخلايا العصبية. وقد ربطت الدراسات العلمية بالفعل التعرض لمستويات مرتفعة من الرصاص بزيادة خطر الإصابة بصعوبات التعلم ومشاكل في التواصل والسلوك، بل إن بعض الأبحاث أشارت إلى أن التعرض للرصاص في مرحلة الطفولة المبكرة أو حتى خلال فترة وجود الجنين في الرحم قد يزيد من احتمالية إصابته باضطراب طيف التوحد.

وتؤكد إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على أنه لا يوجد مستوى آمن تمامًا للتعرض للرصاص، بينما توصي ولاية كاليفورنيا بعدم تعرض الأشخاص البالغين لأكثر من 0.5 ميكروغرام من الرصاص يوميًا.

وتحظى "الكسافا" بشعبية خاصة بين أكثر من ثلاثة ملايين شخص في الولايات المتحدة يتبعون نظامًا غذائيًا خاليًا من الغلوتين، حيث يمكن استخدامها في تحضير الوجبات الخفيفة المحبوبة دون تعريضهم لمادة الغلوتين. وبين الأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية مختلفة، تعتبر "الكسافا" مصدرًا شائعًا للكربوهيدرات، في حين أن العديد من الأطعمة الأخرى الغنية بالكربوهيدرات - مثل الخبز والمعكرونة المصنوعة من القمح - تُستبعد عادةً من قائمة طعامهم. وتشير التقديرات إلى أن ما بين مليون وثلاثة ملايين شخص في الولايات المتحدة يتبعون هذا النوع من النظام الغذائي الخالي من الغلوتين.

الحقيقة الدولية - وكالات