ندوه لحزب النهضه والعمل الديمقراطي في بلدة الجزازه جرش وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الاحد 5 -5 – 2024 "حماس": الاحتلال يعرقل التوصل إلى اتفاق الارصاد : انخفاض على الحرارة الاحد .. وزخات من المطر الاثنين من وزارة الخارجية للاردنيين في السعودية للمرة 36 في تاريخه.. ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني قانوني : "أمن الدولة " تضرب بيد من حديد في تطبيق حرفية النص في قضايا المخدرات - فيديو استشهاد فلسطينية وطفليها بقصف صهيوني شرق حي الزيتون بغزة جوجل تدفع لشركة آبل مقدار 20 مليار دولار سنويًا باستثناء سرطان الدم.. الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطرا إضافيا للسرطان اليمن.. سيول جارفة تحاصر مواطني المهرة وتحذير من الساعات القادمة العثور على هيكل عظمي بمصر والامن يكثف التحقيقات الصحة العالمية: ألم أسفل الظهر المزمن سبب رئيسي للإعاقة! الحكومة: قانونا الأحزاب والانتخاب ترجمة لتطلعات المواطن وزارة التربية : إجراء اختبار وطني لطلبة الصف الرابع

القسم : بوابة الحقيقة
مكابدات آخر يهود العراق
نشر بتاريخ : 5/2/2017 7:36:24 PM
أ.د. محمد الدعمي
 
بقلم: أ.د. محمد الدعمي

ثابرت في (يهودية من بلاد بابل) “(The Jewess of Babylonia)، روايتي القصيرة المنشورة أخيراً في الولايات المتحدة الأميركية، على أن أقتنص لحظة تاريخية خاطفة ومتلاشية بسرعة مذهلة شهدت النهاية المأسوية للطائفة اليهودية “أو الموسوية، أو الاسرائيلية كما تسمى في العراق أحياناً” حيث اجتمعت عوامل عدة مع عشرات الدوافع الظاهرة والمبطونة لاستغلال هذه الطائفة العراقية القديمة التي يعود تاريخها الى السبي البابلي “586 ق.م.”، أي الى الفين وسبعمئة سنة، والى مئات السنين قبل الفتح العربي الاسلامي لبلاد الرافدين “العراق اليوم”.

لذا تعد هذه الرواية التاريخية القصيرة تجسيداً دقيقاً لتفاعل السجل التاريخي مع الخيال الأدبي الفني في محاولة لاعادة انتاج ما قاسته عائلة يهودية بغدادية خلال الأيام الأخيرة من وجودها في بغداد من مكابدة أنواع الضغوط، النفسية والاقتصادية والأمنية والاعلامية، ليس من أجل الحفاظ على وجودها في العراق، مكوناً سكانياً ألفي الوجود، إنما من أجل طردها من الأرض التي احتضنتها وخدمتها طوال مراحل تاريخية عديدة على سبيل القضاء عليها وجوداً أو سكانياً اصيلاً، عبر الاعدامات أو التهجير الى اسرائيل، للأسف.

يقص المؤلف كيف قامت أجهزة الأمن والمخابرات الحكومية آنذاك “بين 1969-1973” باطلاق حملة ضغط نفسية، شملت اتهام اليهود بالتجسس لصالح اسرائيل، أي بالخيانة العظمى، وشنق أعداد من شبيبتهم وشيّابهم بالتهمة نفسها على أعواد المشانق وعرضهم لأيام طوال في الساحة الرئيسية بمدينة بغداد “ساحة التحرير” ليكونوا فرجة للجميع، واذا ما كانت هذه التهم والحملة المسعورة قد جرفت من الأبرياء الكثير “ومنهم يهود ومسلمين ومسيحيين”، فان الضغط الحكومي شمل عمليات مراقبة ومضايقة متواصلة وخانقة، لدرجة منع أفراد الطائفة “رسمياً” من الخروج عن مساحة دائرة معينة من الأميال خارج نطاق سكنها.

زد على ذلك منعهم من اقتناء وسائل الاتصال، كالهواتف والبرق والبريد، بحجة منع اتصالهم بــ”العدو الصهيوني”، ناهيك عن فصل وتسريح الموظفين اليهود من وظائفهم الحكومية وفي القطاع الخاص. وخوفاً من غضب أجهزة الأمن، امتنع المواطنون عامة من التعامل مع اليهود “حتى بالبيع والشراء” خوفاً من تهم التجسس والخيانة التي كانت تطلق جزافاً فترسل من يبتلي بها الى حبل المشنقة.

لكن بعد بضعة عقود، وبعد مراجعة تلك اللحظة التاريخية المتلاشية “شكراً للرواية أعلاه”، راحت “بانوراما” دوافع وارهاصات النظام الحاكم، آنذاك، تتبدى بجلاء للمتابع: اذ تم عبر هذه العملية المنظمة ضد اليهود العراقيين الاستيلاء على أموالهم المنقولة وغير المنقولة، خصوصاً وأن أغلبهم كان من اصحاب الثروات الكبيرة “تجار وملاكون وموردون وأصحاب حرف”.

زد على ذلك تم امتطاء تهمة التجسس للتخلص من القوى السياسية المعارضة بامتطاء اليهود، وبخاصة الشيوعيين باعتبار أن الشباب اليهود كانوا من قيادات وكوادر الحزب الشيوعي العراقي المتقدمة “رغم تأسيسهم ما سمي”عصبة مكافحة الصهيونية” في تاريخ سابق”، لكن كان أهم دافع عملت الحكومة على الاستجابة اليه هو ادانة ما كان يسمى “دول المواجهة” أي الدول العربية التي شاركت في حرب الأيام الستة “5 يونيو 1967″، وتحت شعار “كل شيء من أجل المعركة”. بهذه الطريقة القومية والوطنية والاسلامية المثلى ثم تمرير القضاء على الطائفة العبرية العتيقة في العراق.

لقد تم استثمار هذه الطائفة كبش فداء ذهب ضحية المزايدات والدعايات والمصالح الموقتة للأسف. وقد اضطلع المؤلف بتسجيل ما مر ذكره في أعلاه على نحو قصصي يتبأور على الشابة اليهودية “سارة” ابنة الخياط البغدادي الشهير قحطان التي جسدت مكابدات هذه الطائفة، خلال تلك الأيام العصيبة التي قادتها الى الفرار مع عائلتها من العراق (بمساعدة ضابط الشرطة المسلم الذي وقع في شباك حبها) لتجنب الوقوع فريسة مع والدها ووالدتها وأخويها بأيدي من لا قلب لهم في دوائر التعذيب الأمنية والتحقيقات الجنائية، علماً ان الرواية سترى النور، معربةً، على أيدي عقيلتي، السيدة لقاء الورد، خلال بضعة أيام لتكون رواية تاريخية وثائقية بأيدي القراء العرب أينما كانوا.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023