تحذير للمسافرين: هذا المطار هو الأكثر رعبا في العالم! غوارديولا يحبط جماهير مانشستر سيتي ويسعد عشاق صلاح! خبراء يدعون مشاركة مجتمعية واسعة في مكافحة الجريمة قبل وقوعها... فيديو بأيدي كفاءات وطنية.. سلطنة عُمان تنجح بإجراء أول عملية زراعة قلب من شخص متوفى دماغيا لمريض آخر برشلونة يتلقى ضربة موجعة قبل مواجهتيه الحاسمتين ضد إنتر وريال مدريد هيئة أمريكية توجه نداء عاجلا لترامب لدرء ضرر لا يمكن إصلاحه فاعليات تهنئ عمال الوطن بمناسبة عيد العمال الجيش الباكستاني يجرى تدريبات حربية واسعة النطاق في ظل التوترات مع الهند مصدر عسكري: مقتل 6 جنود بقصف شنه الدعم السريع في كوستي غارات جوية تستهدف محيط مدينة صعدة شمال اليمن الحكومة تنهي مشاوراتها لتقديم مقترحات لتعديل نظام تنظيم البيئة الاستثمارية الجمارك تضبط ١٣١٦٢ كروز دخان في 3 قضايا منفصلة أمين عام الاقتصاد الرقمي تتابع ميدانيًا سير عمل مراكز الخدمات الحكومية مصادر: ترامب يقيل مستشار الأمن القومي ونائبه "الأشغال" تبدأ بإنشاء طريق خدمة على مسربين من طريق المطار عند محطة المناصير

القسم : بوابة الحقيقة
حكومة على عجل!
نشر بتاريخ : 9/24/2024 11:25:39 AM
د. منذر الحوارات


بقلم: د. منذر الحوارات

 

المُتخيل الشعبي عن الحكومة الحزبية انها تتشكل بعد مجموعة طويلة من المفاوضات والأخذ والرد واللقاءات والاختلافات التي قد تؤدي إلى انقطاع أنفاس الرئيس المُكلف من زحمة اللقاءات وصعوبة تلبية المطالب المعقدة للأحزاب وفي نهاية المفاوضات يضطر إلى تفاهمات الحد الأدنى كي يشكل حكومته، هذا السيناريو كان حلما تتداوله أذهان الأردنيين إلا أن ما حصل لم يتجاوز اللقاء اليتيم مع الأحزاب لم يتعد الساعة أو الساعتين في أحسن الأحوال، أكد بعدها الرئيس والأمناء العامين للأحزاب الذين التقاهم أن النقاش دار في الإطار العام ولم يتناول أسماء للتوزير، والصادم أن الحكومة تشكلت بلمح البصر وكأنما جاءت بكتاب، تبين بعدها أن هناك ستة وزراء من ثلاثة أحزاب مهمة لكنها بالمجمل أحزاب أقلية، وهذا نسف الكلام بأن التوزير الحزبي لم يأت أوانه بالتالي نحن هنا أمام معضلة مكونة من شقين، الأولى أظهرت أن الرئيس قفز فوق التحديث السياسي واعتبر أن الانتخابات الحزبية كأن لم تكن عندما قال إن التوزير تم على أسس شخصية وليست حزبية، أو أن الحزبيين قد تخلوا عن حزبيتهم وفي كلا الحالتين نحن في موقف محرج، ورغم ذلك تمكن الرئيس من تأمين تحالف من الأقلية الحزبية بشكل سلس.

 

أما بالنسبة للتشكيلة الحكومية فقد أرادت أن تؤكد على ثبات السياسة الخارجية والرغبة في الاستمرارية في بعض الملفات الحساسة لذلك تم الإبقاء على وزير الخارجية في موقعه، لكن الملاحظ استحداث وزيرة دولة للشؤون الخارجية ربما لتغطية المتطلبات البيروقراطية للوزير عند غيابه، وربما كان أجدى تفويض بعض صلاحيات الوزير البيروقراطية للأمين العام بدل استحداث موقع وزاري جديد قد يؤدي في لحظة ما إلى تضارب في الصلاحيات، أما الملف الاقتصادي حيث التحديات بالجملة والتي تبتدئ بالبطالة المرتفعة وتمر بالديون الخارجية ولا تنتهي عند النمو الاقتصادي الضعيف، فقد احتفظ الرئيس بهذا الملف بيده لأسباب عديدة، أهمها قناعته بأنه يمتلك من الخبرة الاقتصادية الكبيرة أهلته  لها دراسته الأكاديمية وترؤسه لهذا الملف لسنوات عديدة من خلال وزارة التخطيط، وهو بالتالي يعتقد أن هذا الملف خطير بحيث يجب مركزية إدارته لتفادي التضارب في القرارات بين الوزارات المختلفة وضمان التزام الحكومة بخطته الاقتصادية، ويعتقد الرئيس ايضا أنه قادر على التحكم بشكل مباشر في التعامل مع الجهات المانحة الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي، الجزء الثالث المهم من الحكومة وهو الأمن ووزارة الداخلية فقد احتفظ الوزير الفراية بمنصبه وزيرا للداخلية كناية عن الثقة بما قدمه في عُهدته السابقة، فيما عدا ذلك من الوزارات فقد خضعت وعلى عجل لكل أشكال المحاصصات، حيث أثقلت الحكومة بوزراء الدولة لإرضاء كافة الأطراف بدون الأخذ بعين الاعتبار ان عربة الحكومة وحاجة البلد لا تستوعب كل هذا العدد.

 

اما تحدي الحكومة الأهم هو مجلس النواب المدجج بمعارضة تمتلك من الأسلحة الأيديولوجية ما يكفي لإزعاج الحكومة عند كل نقطة وفي كل موقف، صحيح أن الحكومة لن تعدم الحيلة في تمرير مشاريع القوانين بسبب وجود أغلبية كبيرة تصل لحدود الـ%78 من أعضاء البرلمان، لكن الأردنيين يعلمون جيدا أن حكوماتهم شديدة الحساسية للنقد حتى لو كان الناقد نائبا واحدا فما بالك بـ31 نائباً، لأجل ذلك ستحاول الحكومة ايجاد تحالفات خارج إطار التيار الإسلامي مع الأحزاب الحديثة والوسطية وقد بدأت بذلك دون إعلان، ويعتقد الرئيس أن لديه شخصيات في حكومته قادرة على  التعامل مع هذه المعارضة القوية مثل وزير الخارجية، وبعض وزراء الأحزاب وعدد من النواب السابقين والمخضرمين ممن يمتلكون الخبرة على مواجهة المعارضة القوية لجبهة العمل الإسلامي، وربما في واحد من الاحتمالات أن يدخل الرئيس بمفاوضات تهدئة مع المعارضة لامتصاص موجاتها.

لقد أبدى الشارع امتعاضه من الحكومة لسرعة التشكيل ونقص التمثيل الحزبي فيها وقناعته بأنها لم تغادر مربعا ما هو معهود من تدوير لنفس الشخصيات السابقة رغم أن بعضها ثبت فشله الذريع، كما أن الاحتفاظ بعدد كبير من الوزراء من الحكومة السابقة أعطى انطباعا بأن الحكومة الجديدة لم تكن قادرة على إحداث تغيير جذري، وهذا أثار المخاوف من أن تستمر الأزمات الاقتصادية والسياسية دون إيجاد حلول مبتكرة، لذلك فإن ثقة الناس بالحكومة مرهونة بما ستقوم به في المرحلة المقبلة ابتداء من إدارة العلاقة مع مجلس النواب مرورا ببقية الملفات المعقدة فإما ان تكسب الثقة أو أن تُدخل المواطن في مرحلة من اللامبالاة بها وبكل ما تقوم به، وتجعله يدخل في قناعة أن كل ما تمناه لا يعدو عن كونه أضغاث أحلام سرعان ما سيصحو منها على واقعه الذي لم يتغير أو تغير بالاتجاه السلبي الذي لا يتمناه.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023