تحذير للمسافرين: هذا المطار هو الأكثر رعبا في العالم! غوارديولا يحبط جماهير مانشستر سيتي ويسعد عشاق صلاح! خبراء يدعون مشاركة مجتمعية واسعة في مكافحة الجريمة قبل وقوعها... فيديو بأيدي كفاءات وطنية.. سلطنة عُمان تنجح بإجراء أول عملية زراعة قلب من شخص متوفى دماغيا لمريض آخر برشلونة يتلقى ضربة موجعة قبل مواجهتيه الحاسمتين ضد إنتر وريال مدريد هيئة أمريكية توجه نداء عاجلا لترامب لدرء ضرر لا يمكن إصلاحه فاعليات تهنئ عمال الوطن بمناسبة عيد العمال الجيش الباكستاني يجرى تدريبات حربية واسعة النطاق في ظل التوترات مع الهند مصدر عسكري: مقتل 6 جنود بقصف شنه الدعم السريع في كوستي غارات جوية تستهدف محيط مدينة صعدة شمال اليمن الحكومة تنهي مشاوراتها لتقديم مقترحات لتعديل نظام تنظيم البيئة الاستثمارية الجمارك تضبط ١٣١٦٢ كروز دخان في 3 قضايا منفصلة أمين عام الاقتصاد الرقمي تتابع ميدانيًا سير عمل مراكز الخدمات الحكومية مصادر: ترامب يقيل مستشار الأمن القومي ونائبه "الأشغال" تبدأ بإنشاء طريق خدمة على مسربين من طريق المطار عند محطة المناصير

القسم : بوابة الحقيقة
تصفية الحسابات: لا فضاء سوى العراق؟
نشر بتاريخ : 1/20/2017 7:49:12 PM
أ.د. محمد الدعمي
 
أ.د. محمد الدعمي

إن أية متابعة فطنة ودقيقة لما يجري في العراق اليوم. إنما تؤشر ما أذهب إليه في أعلاه عندما ألاحظ بأن المسؤولين الأتراك والإيرانيين عندما يتصافحون أمام الكاميرات، فإنهم إنما يخفون خناجرهم خلف ظهورهم بقصد النيل من المقابل إن أتيحت الفرصة لذلك. علمًا أن الفرصة أضحت متاحة الآن ـ أكثر من أي وقت مضى كي تبدأ المنازلة عبر الإقليم الشاسع والغني الممتد بين الموصل وبغداد..

في واحدة من أهم خلاصات كتابي الجديد الموسوم (وطن بلا وطنيين: كرد وسنة وشيعة في صراع ذاتي التدمير) (2016)، خلصت إلى أن الغزو الأميركي للعراق (2003) إنما آل إلى استبدال دولة مركزية قوية، برغم سلبياتها، بأخرى ضعيفة، فاقدة للإرادة. ومع اعتراضاتنا على الدولة القوية المخلوعة الأولى ونقدنا لها، إلا أن الدولة الضعيفة التالية إنما فتحت الطريق واسعة لإحالة العراق إلى خواء قوة Power Vacuum، فضاءً رخوًا وناعمًا، جاذبًا للصراعات الإقليمية والدولية التي لا شأن له بها ولا ترتجى فائدة منها له على أقل تقدير.

من هنا تأتي بواعث افتراضيتي الأساس التي تفيد بأن العراق استحال اليوم حلبة صراع بين قوتين إقليميتين أساسيتين (أو بين وكلائهما) على نحو خاص، هما: (1) تركيا، و(2) إيران، ناهيك عن القوى الأخرى التي تحاول جاهدة إيجاد موطئ قدم لها في هذا البلد المهم، ومنها إسرائيل. أما الممر الذي سمح لهذه الصيرورة ولنفاذ هاتين القوتين وتخللهما إليه، ميدانًا للصراع، أي لاتخاذه “حلبة صراع ـ إقليمي”، فهو الانقسام المجتمعي (الطائفي) المأساوي الذي لم يكن، لولا سماح الأميركان بوجوده وتكريسهم لآثاره بدعوى الديمقراطية وحقوق الإنسان، الأمر الذي قاد العراق، بل والشرق الأوسط برمته نحو هاوية التشرذم والتحالفات اللامجدية، ناهيك عن التشتت الطائفي، بل وحتى الانقسام “الشللي”، المجهري الذي قضى، عمليًّا، على وظائف المنظمات الإقليمية التي كانت تلعب أدوارًا تقريبية لعقود، كما كانت هي حال “بيت العرب”، “جامعة الدول العربية” التي راحت تنخرها الانقسامات والتكتلات، بعد خسارة الدولة السورية، حتى أضحت عامل تفتت بدلًا من أن تكون عامل جمع واتحاد، للأسف الشديد.

إن أية متابعة فطنة ودقيقة لما يجري في العراق اليوم. إنما تؤشر ما أذهب إليه في أعلاه عندما ألاحظ بأن المسؤولين الأتراك والإيرانيين عندما يتصافحون أمام الكاميرات، فإنهم إنما يخفون خناجرهم خلف ظهورهم بقصد النيل من المقابل إن أتيحت الفرصة لذلك. علمًا أن الفرصة أضحت متاحة الآن ـ أكثر من أي وقت مضى كي تبدأ المنازلة عبر الإقليم الشاسع والغني الممتد بين الموصل وبغداد، أي بين الموالين لتركيا والمحاربين نيابة عنها، من ناحية؛ وبين الموالين لإيران والمقاتلين نيابة عنها، من الناحية الثانية.

هكذا يعيد التاريخ نفسه اعتمادًا على الانقسام الطائفي، وعلى نحو يذكرنا (بدقة مدهشة) بالعلاقات المتنافرة بين الدولة العثمانية (الأستانة)، وبين الدولة الصفوية (أصفهان ثم طهران). بقيت العلاقات بين الامبراطوريتين أعلاه قائمة عبر تبادل السفارات وتواصل البلاطات، إلا أن ذلك الود المزيف لم يكن ليبدي أية رحمة بأهل العراق المساكين الذين وجدوا أنفسهم بين المطرقة التركية والسندان الإيراني. وهكذا، راح هؤلاء المساكين يقدمون أنفسهم ضحايا على مذبح التضحية بين دولتين كبريين لا شأن لهما بتقدم أو برفاه العراقيين، بل باستغفالهم والتضحية بهم عبر صراعاتهما البينية، درجة أن يقاتل العراقي العراقي، فيزوق الضابط التركي، أو الإيراني بالأوسمة والنياشين هناك، في الأستانة أو في طهران.
لست أزعم بأني أكشف عن حقيقة جديدة، رغم مرارتها، في هذا الجدل بقدر ما أزعم أن التاريخ إنما يعيد نفسه رضوخًا وتناغمًا مع حركته الدورية التي دلت (بما لا يقبل الشك) بأن الغزو الأميركي للعراق جاء بعكس ما كانت واشنطن تتمناه من اعتماد بغداد مركزًا إقليميًّا قائدًا لحركة الأمركة والتأمرك عبر الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023