وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الاثنين 6 -5 -2024 منتخب التايكواندو يعسكر في تايوان وسائل إعلام: فرنسا ترسل أول جنودها إلى أوكرانيا مديرية الأمن العام تحذر من الحالة الجوية المتوقعة عسكريون جدد ومعدات حربية.. روسيا تعزز وجودها في النيجر مدافع بايرن ميونخ أول الغائبين عن مواجهة الإياب بين الفريق البافاري وريال مدريد وزير التربية: التعليم المهني يحظى بالأولوية القصوى في الخطط والبرامج التطويرية رومانيا.. احتراق كنيسة بسبب شمعة إيران تعلن موعد بدء صب الخرسانة في "جزيرة نووية" جديدة ليفربول يستقر على لاعب ريال مدريد السابق لتعويض صلاح أحزاب : 30 مقعد من مقاعد مجلس النواب القادم ستكون شخصيات مستحدثه - فيديو عسكريون : هدنة قريبة في غزة وستكون طويلة - فيديو الملاكم كانيلو ألفاريز يهزم مونغويا ويحتفظ بألقابه العالمية ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات بالبرازيل إلى 66 قتيلا وأكثر من 100 مفقود روسيا : لن نقطع العلاقات الدبلوماسية مع دول البلطيق

القسم : مقالات مختاره
لا يمكن أن نواجهه بالقانون فقط
نشر بتاريخ : 7/14/2020 7:25:34 PM
حسين الرواشدة


أخطر ما فعلته « موجة « الفساد بنا أنها نجحت في « تغييب» الضمير العام، وتسللت إلى مجتمعنا من خلال عملية منظمة لشراء الذمم وإسكات الأصوات، ومن المفارقات الغريبة أن الصراع على ملف « الفساد « أصبح بين الفاسدين أنفسهم، وبرعاية « الكومبارس « الذي يقف وراءهم، وبالتالي تحولت المعركة ضد هؤلاء إلى « فخ « لا نعرف كيف نتعامل معه أو نخرج منه.

إذا سألتني كيف ؟ سأقول لك : إن بعض القضايا التي تطرح في الإعلام أو حتى في الشارع ليست أكثر من « مكائد « رتبها بعض المتورطين في الفساد لإشغال الناس بها، أو لتصفية حسابات بينهم، او لتضخيم الظاهرة بحيث يبدو من المستحيل مواجهتها، ناهيك عن تصريحات تحذيرية سمعنا بعضها تهدد وتتوعد «بكشف « المستور او بتوريط الجميع على قاعدة «علي وعلى أعدائي «، هذه كلها مناورات يريد الفاسدون من خلالها أن يأخذونا إلى مكان آخر مزدحم بالغضب واليأس، أو أن يوجهوا نقاشاتنا حول الموضوع إلى أجندات صمموها لأهداف مشبوهة وغير بريئة.

الفساد – يا سادة – لم يعد يقتصر على نهب الأموال وسوء استخدام الصلاحيات الإدارية، لقد تطور وتمدد حتى أصبح جزءا من حياتنا العامة، واخطر ما فيه انه أصاب منظومة أخلاقنا، وروض « ضمائرنا «، وأنتج جيلا جديدا او طبقة تمددت وتوسعت حتى أصبحت مصالحها مرتبطة به تماما، وبالتالي فهي تحميه وتدافع عنه بكل ما لديها من قوة ونفوذ.

صحيح، مطلوب أن نصوب أنظارنا ونشير بأصابعنا لمن اعتدى على المال العام او لمن ضبط « متلبسا « بتوزيع غذاء فاسد، او من نهب « الأراضي « والمصاري والشوارع، لكن الأهم أيضا أن لا نغض الطرف عن فساد اخطر خرج من « تربة « تجاوز الصلاحيات والمسؤوليات، أو إفساد استهداف شراء ذمم الناس ومواقفهم وأصواتهم، فافرز ما نعانيه من مجالس نيابية ضعيفة او من إفقار للحياة العامة، او من تدمير لمؤسساتنا واغتيال لشخصياتنا او من عبث في قيمنا الوطنية.

إن استدعاء القانون لمحاسبة هؤلاء ضروري بالتأكيد، لكنه لا يكفي، فعيون القانون مهما كانت مفتوحة لن تستطيع ان ترى كل هذا الخراب المعلن والمخفي، وبالتالي لابد من التوجه لإحياء الضمير العام لدى المجتمع، بكل ما لديه من طاقة وقوة وصحوة، وهذا لن يتحقق إلا إذا حررنا أخلاق الناس من حالة «التسفل» التي بدأت بتعميم الخوف على المصالح، والتخويف من سوء المنقلب، والتشبث بالمواقع، ثم إسقاط مفاهيم العيب والحرام من المجتمع، واعتبار كل صور النهب والإثراء والكسب غير المشروعين حرية متاحة ما دامت تحت اليد، ثم تمددت لتشكيل ثقافة جديدة عنوانها « انتهاك « حرمة المجتمع وتجاوز قيمه وأعرافه وتقاليده الصحيحة.

رجاء، أعيدوا لنا أخلاقنا وضميرنا العام، وعندها لن تكون بحاجة إلى رقباء يقفون على أبوابنا ويحصون أنفاسنا، وسنكون قادرين على مواجهة هؤلاء الذين نهبوا أموالنا وسمموا أذواقنا وخربوا أداء مؤسساتنا، فالفساد الأكبر الذي نعاني منه هو فساد الضمائر، وهذا لا يمكن أن نواجهه بالقانون فقط.

عن الدستور

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023