ندوه لحزب النهضه والعمل الديمقراطي في بلدة الجزازه جرش وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الاحد 5 -5 – 2024 "حماس": الاحتلال يعرقل التوصل إلى اتفاق الارصاد : انخفاض على الحرارة الاحد .. وزخات من المطر الاثنين من وزارة الخارجية للاردنيين في السعودية للمرة 36 في تاريخه.. ريال مدريد بطلا للدوري الإسباني قانوني : "أمن الدولة " تضرب بيد من حديد في تطبيق حرفية النص في قضايا المخدرات - فيديو استشهاد فلسطينية وطفليها بقصف صهيوني شرق حي الزيتون بغزة جوجل تدفع لشركة آبل مقدار 20 مليار دولار سنويًا باستثناء سرطان الدم.. الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطرا إضافيا للسرطان اليمن.. سيول جارفة تحاصر مواطني المهرة وتحذير من الساعات القادمة العثور على هيكل عظمي بمصر والامن يكثف التحقيقات الصحة العالمية: ألم أسفل الظهر المزمن سبب رئيسي للإعاقة! الحكومة: قانونا الأحزاب والانتخاب ترجمة لتطلعات المواطن وزارة التربية : إجراء اختبار وطني لطلبة الصف الرابع

القسم : بوابة الحقيقة
ما أسباب ومديات الانقسام في أميركا
نشر بتاريخ : 5/19/2018 1:55:51 PM
أ.د. محمد الدعمي


بقلم: أ.د. محمد الدعمي

”.. إذا كان إصرار الرئيس ترامب على بناء سور عظيم للفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، على سبيل إيقاف الهجرة غير الشرعية إلى أميركا من قبل المكسيكيين، قد أيقظ ذات النعرة العنصرية الكريهة المنتشية الآن بين “أصحاب الرقاب الحمر”، أي الشقر البيض، فإن عواطف الضغينة والكراهية آخذة بالتزايد بين أفراد الجماعات السكانية الأخرى المتنوعة.”

لا يخفي نقاد المجتمع والمعلقون السياسيون الأميركيون قلقهم المتعاضم مما يطلقون عليه لفظ “الانقسام” داخل أميركا. بيد أن الطريف في هذه “الملهاة”، أي حال “الانقسام” هو أنهم ينحون بلائمته (إن وجد) على الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، شخصيا. وهم يبررون ذلك بأن انقسام أميركا على نفسها لم يكن بهذه الدرجة من الشدة والخطورة كما هي عليه الحال اليوم، أي قبل أن يصعد نجم ترامب عاليا منذ تنافسه على الانتخابات الرئاسية (2016) بدليل أنه هو شخصيا قد خدم في التسبب ببعض الشروخ وفي توسيعها، بالنظر لما قدمه من آراء استفزازية طوال الحملة الإنتخابية وبعدها، أي أثناء أكثر من سنة من ولايته حتى اللحظة.

وبطبيعة الحال، فإن أهم الانقسامات التي لم تزل أميركا لا تقوى على أن تبرأ منها هو الانقسام الإثني بين السود والبيض. ويذهب المعلقون إلى أن جميع الانقسامات والشروخ الأخرى (سياسية واجتماعية واقتصادية) إنما هي أصلا تضرب بجذورها عميقا في تربة الانقسام الإثني بسبب لون البشرة (أبيض وأسود). وهذا التعقيد يقوّض جهود المشرعين طوال عشرات السنين منذ إصدار التشريعات التي أزالت التمييز العنصري رسميا في أميركا، أي منذ ستينيات القرن الفائت، لذا فإن الموضوع يقض مضاجع الإدارة الأميركية القائمة اليوم والتي كان لها (وللرئيس ترامب شخصيا القدح المعلى في تسبيبها) أي في إيقاظ السرطان العنصري المميت.

ويبدو واضحا للمتابع الآن أن الرئيس ترامب قد أسهم شخصيا كذلك في إيقاظ الانقسام الطبقي (الصراع الطبقي، حسب تعبير الفيلسوف الألماني كارل ماركس وأتباعه) كذلك، ليس لأنه “ملياردير” من أصحاب الثروات الأسطورية، ولكن لأنه بقي يعمل (مع إدارته) على تعزيز وتوسيع الفجوة الفاصلة بين الأغنياء والفقراء، الأمر الذي لم يعد يدعو أحدا على الشك بعد أن أعلن “بشائره” بتخفيض الضرائب، بنسب عالية جدا لزملائه من أصحاب الملايين، وبنسب ضئيلة جدا (من نوع إسقاط فرض) للكادحين من الطبقتين الوسطى والعاملة، أي هؤلاء الذين لا يمكن أن يحيوا يوما واحدا (مع أسرهم) حال توقفهم عن العمل.

وإذا كان إصرار الرئيس ترامب على بناء سور عظيم للفصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، على سبيل إيقاف الهجرة غير الشرعية إلى أميركا من قبل المكسيكيين، قد أيقظ ذات النعرة العنصرية الكريهة المنتشية الآن بين “أصحاب الرقاب الحمر”، أي الشقر البيض، فإن عواطف الضغينة والكراهية آخذة بالتزايد بين أفراد الجماعات السكانية الأخرى المتنوعة، وبين البيض الذين يرمون إلى بلوغ حلم “أميركا شقراء”، حالها حال الدنمارك والنرويج وفنلندا. وهذا وتر حساس كان ترامب قد عزف عليه منذ بداية حملته الانتخابية أعلاه، 2016.

أما ما أقدم عليه ترامب من إعلانات خطيرة ضد المسلمين، زيادة على منع دخول أميركا من قبل مواطني عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، فقد أدى إلى ارتفاع ألسنة حرائق والعواطف الطائفية (خاصة ضد المسلمين) في أميركا حدا يفوق ارتفاع ناطحات سحاب نيويورك، ناهيك عن إقدامه على ما لم يجرؤ رئيس أميركي سابق عليه، أي نقل سفارة بلاده إلى القدس.

والحقيقة هي أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يخفي سروره بما تسبب هو وسياساته به من انقسامات داخل المجتمع الأميركي، لأنه يعلن دائما بأن هذه “الخلافات” إنما تطربه وتشعره بالانتشاء بسبب ما تشكله من تحدٍّ، وكأنها تحرك مياها راكدة، بل إنه غالبا ما ينقلب في مثل هذه الموضوعات رأسا على عقب بين ليلة وضحاها، كما فعل حين أسمى الرئيس الكوري الشمالي بــ”رجل الصواريخ” Rocket Man، من بين عناوين ساخرة أخرى، إلا أنه قد عدل عن السخرية إلى المديح والإطراء الآن بعد إتمام الإعلان عن عقد إجتماعه المباشر مع الرئيس الكوري في سنغافورا يوم 12 يونيو القادم، فراح يكيل للرئيس الكوري بالمديح، ليس إعجابا بالرئيس الكوري كما يبدو، وإنما طمعا في تحقيق نزع السلاح النووي عبر شبه الجزيرة الكورية كي يتم اختياره، “صانعا للسلام”، لجائزة نوبل هذا العام.

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023