مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى بقصف الاحتلال المتواصل على غزة مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى بالتزامن مع “عيد الفصح” اليهودي الأردن يسير قافلة مساعدات جديدة إلى غزة مكونة من 115 شاحنة 114 دعوى سُجلت لدى وحدة سلطة الأجور في وزارة العمل في الربع الأول من 2024 شهيد في رام الله واقتحامات جديدة في الضفة الغربية الحرارة أعلى من معدلاتها بـ 12 درجة اليوم غضب وعمليات توقيف في جامعات أميركية على وقع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين الصين تحذر من أن الدعم العسكري الأميركي لتايوان يزيد من "خطر حصول نزاع" نحو 282 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في 2023 باريس سان جيرمان يهزم لوريان ويضع قدما على منصة التتويج الأحلام تتبدد.. ليفربول يتعرض لهزيمة ثقيلة أمام جاره اللدود إيفرتون وفيات من الاردن وفلسطين اليوم الخميس 25 -4 -2024 اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات الجامعة العربية تدعو العالم للاعتراف بدولة فلسطين لإنقاذ فرص السلام روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي حول عدم نشر الأسلحة النووية في الفضاء

القسم : مقالات مختاره
القضاء على “ربة البيت”
نشر بتاريخ : 4/7/2018 3:29:46 PM
أ.د. محمد الدعمي

بقلم: أ.د. محمد الدعمي

من منا، عبر العالمين العربي والإسلامي، لم يسمع ولم يفهم دلالة عبارة “ربة بيت”، بوصفها، “وظيفة” عشرات الملايين من النساء “القاعدات” في منازلهن، دون أية وظيفة أخرى تدر شيئا من المال على الأسرة، سوى وظائف إدارة المنزل والعناية بالزوج والأطفال. وهي لعمري مهمة. إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على المجتمعات الغربية قط: فهناك تحسد النساء مكافئاتهن عبر العالمين أعلاه على ما أوتين به من ترف وفضاءات إجازة متواصلة لسنين دون الحاجة للخروج إلى العمل من الفجر حتى المساء كما تفعل الغربيات، كدحا حقيقيا!

إلا أن علينا أن نعترف بأن “الوظيفة” الغريبة أعلاه بالنسبة للذهنية الغربية راحت تنكمش وتتلاشى بسرعة الضوء. وأظنها ستنعدم في القريب العاجل. ربما كانت تأملات كارل ماركس الاقتصادية تلقي الضوء على ذلك، نوعا من النبوءة العبقرية: ففي دراسته للصلة العضوية بين “علاقات الإنتاج”، وبين “وسائل الإنتاج”، خلص هذا العقل الذكي إلى أن طبيعة النظام الرأسمالي يمكن أن لا تسمح بوجود أو تواصل أنواع كثيرة من “الوظائف” التي ستهجر، ثم تضمر وتضمحل حتى الموت، ومنها حسب رأيي، “وظيفة ربة البيت”، حيث لم يعد الرجل الغربي قادرا على تجهيز عائلته بما يكفيها من المال وحده، الأمر الذي يضطره لانتقاء الزوجة العاملة التي تسهم في تمويل حاجات الأسرة والإنفاق عليها، بل وحتى التفوق على زوجها في هذا المجال.

وإذا كنا هنا لم نزل نشكل “صورة وردية” لــ”ربة البيت” بوصفها الأم الباقية دائما في المطبخ لتجهيز الأسرة بما طاب من الوجبات والطيبات، فإن هذه الصورة قد عصف بها في العالم الرأسمالي الغربي، نظرا لانقلاب مفهوم الأسرة الذي أسست له جميع التقاليد الروحية، التوحيدية خاصة. ودليل ما أذهب إليه هو أنك إن دعيت فردا غربيا لتناول الغداء معك في المنزل، فإنه سيبهر بالأطعمة اللذيذة التي ستحضرها زوجتك أو والدتك للضيف. ومرد ذلك واضح لأبسط العقول: لم تعد المرأة أو الأم الغربية تضطلع بالطبخ في المنزل: فهي لا تملك الوقت ولا المزاج المطلوبين لهذا النسق الشرقي من الحياة الأسرية الشائع لدينا. أما هي: حتى عندما تدعو الضيوف إلى منزلك، فإنها لا تتحمل وجع رأس “الطبيخ” فتذهب لشراء الوجبات الجاهزة من المطاعم والأسواق الكبرى مهيأ ومحضرا من قبل أكبر وأفضل الطهاة المشهورين، وفي “مطابخ الإنتاج الواسع” التي لا تترك لـ”أم البيت” فضاءً كافيا للإبداع أو للتلاعب “بالبهارات والتوابل” ولا بطرائق ودرجات حرارة الطهي. هذا كله من الظواهر المنقرضة، خاصة في المجتمع الأميركي. بل، حتى مفهوم العائلة أعلاه قد أخذ يستجيب لضغوط التغيير الاقتصادية، درجة أن المرء، أو المرأة هناك يمكن أن يعيشوا في بيت واحد معا ويتقاسمون الإنفاق بدون الحاجة حتى إلى عقد زواج أو تسجيل اقترانهما في “دوائر النفوس” الرسمية. أما إذا أنجبا أطفالا خلال سنوات “الصداقة” أعلاه في دار واحدة، فلا مشكلة في ذلك لأنهم (أي الأطفال) يسجلون بأسماء والديهما اللذين لا تربطهما ببعضهما سوى وشيجة “الصداقة”.

أما ظواهر انقراض وظيفة “ربة البيت”، فهي كثيرة، إذ إنك تجد مطاعم أميركية عدة باسم “أكلات ماما”، أي أن صاحب المطعم يشعر بالحنين إلى طبخات والدته، فيقرر أن يؤسس مطعما يحاكي العاملون فيه طبخاتها كي يقدمه لمن يدفع الدولارات الكافية لهذه الوجبات الدسمة. وهكذا يفقد الغذاء نكهته العائلية الخاصة! يشترك الجميع بنكهة واحدة، لا صلة لها “بماما” ولا بدادا”!

جميع الحقوق محفوظة © الحقيقة الدولية للدراسات والبحوث 2005-2023